شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٨٣
(فلهذا خرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي.) أي، فلهذا خرج العالم يتقابل بعضها بعضا، كما يتقابل الأسماء بعضها بعضا.
فهو موجود على صورة من أوجدهم. وليس ذلك الموجود إلا (النفس الرحماني). و ضمير المفعول في (أوجدهم) عائد إلى (العالم). جمعه باعتبار (الأعيان).
واعلم، أن ظاهر هذا الكلام أن (النفس الرحماني) عين المرتبة الإلهية، و في الحقيقة هو التجلي الوجودي الظاهر عن المرتبة الإلهية، وصورتها الحاملة أحكام الأسماء، ولهذا نسب إلى (الرحمان) الذي هو الاسم الجامع.
ولما كان حاملا لما في المرتبة الإلهية من الأسماء وأحكامها وصورة كلية لها، جعل النفس عين من أوجدهم، كما يقال لنبينا، صلى الله عليه وسلم، الاسم الأعظم. وهو صاحبه، لكونه مظهرا للإسم (الله).
(فيما فيه من الحرارة علا، وبما فيه من الرطوبة والبرودة سفل، وبما فيه من اليبوسة ثبت ولم يتزلزل، فالرسوب للبرودة والرطوبة. ألا ترى الطبيب إذا أراد سقى دواء لأحد، ينظر في قارورة مائه، فإذا رآه رسب، علم أن النضج قد كمل، فيسقيه الدواء ليسرع في النضج. وإنما يرسب لرطوبته وبرودته الطبيعية.) ضمير (فيه) عائد إلى (النفس). أي، فيما فيه هذه الكيفيات المتقابلة المتضادة علا بعض الأعيان لاقتضاء الاسم الحاكم عليه العلو، كالنار والهواء والملائكة التي فيها، وسفل بعضها لكون ربه طالبا للمركز في الوجود، كالتراب. وإنما يحصل الرسوب في الماء المستشهد (48) لأنه مشتمل على الأركان الأربعة.

(48) - قوله: (في الماء المستشهد) أي، الماء القارورة على اصطلاح الأطباء. (ج)
(٨٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 878 879 880 881 882 883 884 885 886 887 888 ... » »»