شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٧٧
أن الحق وصف نفسه بالنفس الرحماني، ولا بد لكل موصوف بصفة أن يتبع الصفة جميع ما يستلزمه تلك الصفة، وقد عرفت أن النفس في المتنفس ما يستلزمه، فلذلك قبل النفس الإلهي صور العالم، فهو لها (37) كالجوهر الهيولاني، وليس إلا عين الطبيعة.) يريد أن يؤكد ما قرره أولا من أن الروح الأمين نفخ الروح العيسوي مع صورة البشر العنصري، لا أنها كانت مسواة قبل النفخ، فنفخ، كما لغيره من آدم وأولاده.
وقد مر مرارا أن (النفس الرحماني) هو التجلي الوجودي الذي يتعين ويصير أعيانا موجودة، أرواحا كانت أو أجساما. وهو العين الجوهر القابل للصور الروحانية والجسمانية. ولا بد لكل ملزوم إذا استلزم شيئا، أن يستلزم توابع ذلك الشئ أيضا، لعدم انفكاك اللازم عن ملزومه، وقد علمت أن النفس في المتنفس، أي الإنسان، ما يستلزمه، أي أي شئ يستلزمه، أي، علمت أنه يستلزم إزالة الكرب ووجدان الراحة، وظهور الكلمات والكمالات النطقية و غيرها، فوصف الحق نفسه بالنفس، وصف منه نفسه بجميع لوازم النفس. و ليس ذلك النفس الذي أصل تلك اللوازم إلا عين الطبيعة في الحقيقة، إذ بها يحصل الفعل والانفعال في الفواعل والقوابل وما يترتب عليهما، وهي كالصور النوعية للنفس. فهي أول تعين عرض على النفس، ثم بواسطتها تتعين الحروف والكلمات الوجودية، كما تعرض أولا على النفس الإنسانية الصوت، ثم تتعين الحروف والكمالات بمرور النفس مع الصوت على مراتب يظهر فيها الحروف و هي المخارج.
فالطبيعة عبارة عندهم عن معنى روحاني سار في جميع الموجودات، عقولا كانت أو نفوسا، مجردة وغير مجردة أو أجساما، وإن كانت عند أهل النظر عبارة عن القوة السارية في الأجسام، بها يصل الجسم إلى كماله الطبيعي. فما عند أهل النظر نوع من تلك الطبيعة الكلية. وفي التحقيق نسبة الطبيعة الكلية

(37) - (فهو) أي، النفس الإلهي. (لها) أي، صور العالم. (ج)
(٨٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 872 873 874 875 876 877 878 879 880 881 882 ... » »»