شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٧٣
أي، فلو لا الحق الذي هو منبع القوى والقدرة ومعدن الكمالات الظاهرة في البشر المفيض بأسمائه وصفاته الأنوار في العالم، ولو لا أعيان الثابتة في العدم، لما حصل في الوجود ما حصل، ولا ظهر في الكون ما ظهر. والمراد بقوله: (ولو لا نا) ليس الإنسان فقط، بل أعيان العالم كله.
(فإنا أعبد حقا * وإن الله مولانا) لقبول ما يفيض علينا وإظهار صفاته الغيبية فينا، والعبودية تطلب الربوبية، فربنا ومولانا المفيض علينا الصفا ت الكمالية هو الله لا سواه. وإنما جاء بالاسم (الله) دون غيره من الأسماء، لأنه هو الاسم الجامع للأسماء كلها، والعالم بأسره مظاهره.
(وإنا عينه فاعلم * إذا ما قلت إنسانا) أي، إنا وأعيان العالم عين الله، لأنها أسماؤه، والأسماء من وجه عين المسمى، و هو من وجه (الأحدية). كما مر في المقدمات.
ومعنى (إذا ما قلت إنسانا) أي، إذا جعلت العالم من حيث أحدية جمعه، مسمى بالإنسان الكبير، وإنا عين الله، إذا ما قلت إنه هو الذي ظهر بصورة الإنسان الكامل، فيسمى باسم الإنسان. كما قال - شعر:
(سبحان من أظهر ناسوته * سر سنا لاهوته الثاقب) (ثم بدأ في خلقه ظاهرا * في صورة الآكل والشارب) (33) لأنا مشتركون في الحقيقة الإنسانية مع الكامل.
فقوله: (إنا) يكون عن لسان أفراد الإنسان، لا العالم.
(فلا تحجب بإنسان * فقد أعطاك برهانا)

(33) - تتمة الأبيات: لقد رأى في خلقه ذاته كرؤية الحاجب بالحاجب) (ج)
(٨٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 868 869 870 871 872 873 874 875 876 877 878 ... » »»