شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٧٥
للخلق بوجودك، فإن الدنيا لا تخرب ما دام كونك فيه. قال تعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون). والخطاب للنبي، صلى الله عليه وسلم، وللوارثين نصيب منه (34) (فأعطيناه ما يبدو * به فينا وأعطانا) أي، فأعطيناه الحق ما يظهر بوجوده فينا من الحياة والعلم والقدرة وغير ذلك من الصفات الكمالية. فأعطيناه إياها برجوعنا إليه وفناءنا فيه ذاتا وصفة و فعلا، كما قال: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها). وأعطانا ما علم و ظهر له من أعياننا من الإمكان والحدوث والفقر والعجز، وفي الجملة، ما طلبت استعداداتنا من صفات الكمال والنقصان بإيجادها وإظهارها في الوجود الخارجي (35) (فصار الأمر مقسوما * بإياه وإيانا) أي، فصار الأمر الوجودي منقسما بما أعطيناه إياه من أحوالنا التي كنا عليها حال

(34) - قال الشيخ الكبير القونوي: (والمراد بالوارث الكامل المحمدي من يؤول إليه أموره من عترته وآله). وقال الشيخ الأكبر في فتوحاته: (والعترة هم الأقطاب في الوجود). (ج) (35) - قوله: (وأعطانا) ليس المراد ما أفاده الشارح. بل المراد هو البقاء بعد الفناء، أي، فأعطيناه ما أعطانا أولا، فحل الفناء في المقامات الثلاثة، فإذا أعطيناه، أرجعنا إلى مملكتنا، فصرنا حقا وخلقا. فقوله: (فكن حقا وكن خلقا) إشارة إلى هذا المقام. و في المصراعين الذين بعده أشار إلى كيفية السلوك والوصول. فيكون حاصل المعنى: كن حقا وخلقا بحيث لا تحجبك الحقية عن الخلقية، ولا الخلقية عن الحقية، فتصير رحمتك رحمة بالله وبالوجود الحقاني. وطريق الوصول إلى هذا المقام الشامخ أن نجعل بالمجاهدات الحق غذاء الخلق متخللا فيه تخلل الغذاء في المتغذي. فإن الحق باطن والخلق ظهور الحق، أي، ترى أن الخلق مقام الظهور، فارجع الظهور إلى البطون، فأعطه ما أعطاك، فتصير صاحب القلب الجمعي الأحدي. (الامام الخميني مد ظله)
(٨٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 870 871 872 873 874 875 876 877 878 879 880 ... » »»