شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٥٨
الإلهية، وهو إحياء الموتى، لغلبة لاهوته على ناسوته وروحانيته على جسمانيته حتى قيل فيه إنه (روح الله). ولذلك ارتفع إلى السماء مقام الملائكة.
وإنما أضاف (الإحياء) إلى (الله) و (النفخ) بعيسى، وإن كان في الظاهر لا يحصل إلا منه، لأن الصفات الكمالية بالأصالة لله وبالتعبية لغيره، لذلك أضاف (النفخ) إلى جبرئيل، وأضاف (الكلمة) إلى الله.
(وكان إحياء عيسى، عليه السلام، للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخة، كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه، وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها. كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم ومن ماء محقق، ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه، وبطريق التوهم من وجه.) أي، الإحياء تارة ينسب إلى عيسى، عليه السلام، من حيث إنه يظهر من نفخه و حصل من مظهره، وكان هو السبب القريب فيه على سبيل الحقيقة. فمن هذه الحيثية يكون إحياؤه إحياء محققا، كما كان في أصل خلقته ماء محقق وهو ماء مريم، لأنه منها ظهر بحسب الصورة الحسية. وأخرى نسب إلى الله على الحقيقة، لأن الفاعل الحقيقي وصاحب الصفات الكمالية هو الله لا غيره.
فإحياؤه إحياء متوهم، كما كان في أصل خلقته ماء متوهم. فجمع عيسى بما في حقيقته التي خلق عليها من الماء المحقق والماء المتوهم هذين الوجهين فيما حصل منه من الإحياء وخلق الطير، فينسب إليه الإحياء تارة على سبيل الحقيقة، و أخرى على سبيل المجاز.
(فقيل فيه من طريق التحقيق: (ويحيى الموتى)، وقيل فيه من طريق التوهم (فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله). فالعامل في المجرور، (فيكون) لا (تنفخ). و
(٨٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 853 854 855 856 857 858 859 860 861 862 863 ... » »»