شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٤٧
(لأجل ذلك (4) قد طالت إقامته فيها فزاد على ألف بتعيين (4)) أي، لأجل أن الذات المنفوخ فيها الجسم العيسوي، وهي مريم عليها السلام، كانت مطهرة عن غلبه أحكام الطبيعة عليها، طالت إقامته في السماء، فإن طهارة بدن الوالدين - مما يوجب النقص - توجب طهارة بدن الولد أيضا منه (5) هذا على الأول.
وأما على الثاني، فمعناه: ولأجل أن الذات المنفوخ فيها الروح العيسوي و هو بدنه - كانت مطهرة من أدناس الطبيعة وأرجاسها ومن أحكامها المتضادة المقتضية للانفكاك وخراب البدن سريعا - طالت إقامته فيها. أي، إقامة الروح في تلك الذات حتى زاد ألف سنة. فإنه، عليه السلام، بعث قبل نبينا، صلوات الله عليهما، بخمسمأة وخمس وخمسين سنة. وهذا مبنى على أنه ببدنه في السماء (6)

(4) - قوله: (لأجل ذلك) أي، لأجل تكونه من نفخ جبريل، لأن للأرواح صفة البقاء. أو لأجل تكونه في ذات مطهرة، لأن طهارة المحل توجب طهارة المحمول، والطهارة توجب طول البقاء. قوله: (بتعيين) أي، بتعيين الحق تلك المدة. (ج) (5) - قوله: (مما يوجب) متعلق ب‍ (طهارة). (ج) (6) - في الكريمة المباركة: (إني متوفيك ورافعك إلى السماء). والمراد من (التوفي) الموت، لأن كل إنسان بعد الموت يرفع إلى السماء البرزخ. وأنه ليس المراد من (السماء) الأفلاك البطلميوسية، لأنه لا أصل لها. ولذا رجوع العيسى، عليه السلام، إلى الدنيا إنما يكون بالبدن المثالي، كرجوع الأئمة، عليهم السلام، إلى الدنيا، بناء على القول بالرجعة. وقد صرح الشيخ العارف الإمام، عبد الرزاق الكاشي، أن نزول العيسى من السماء إنما يكون بالبدن البرزخي. وأن رجوع النفس إلى البدن في الدنيا تناسخ، ورجوعها إلى البدن في الآخرة حشر ومعاد. قال في (الفص الشيثي): (وغيره (غير محمد ص) من الأنبياء، عليهم السلام، ما كان نبيا إلا حين بعث، وكذلك خاتم الأولياء كان وليا وآدم بين الماء والطين). واعلم، أن عيسى ويحيى بن زكريا كانا نبيين بعد الولادة. قال في حق عيسى، عليه السلام، قال: (إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا). وقال في يحيى: (خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا من لدنا... وكان تقيا). واعلم، أن كل نبي صاحب للشريعة كل ما كان قسطه من العلم والمعرفة والأحكام يرد على كتاب استعداده في الأزل. و ظهورها في هذا العالم كان بالتدريج بحسب اقتضاء الزمان. والأسماء الحاكم على الأنبياء بحسب الدول الأسمائية وباعتبار اسم (الظاهر). ولكن ما ذكره الشارح في المقام لا يدل على كون العيسى ختما للولاية المطلقة. والختم هو أحد أفراد العترة، عليه السلام، من الأمة المحمدية. وللورثة أيضا نصيب مما أودعه الله في الحقيقة المحمدية بالوراثة والتبعية. (ج)
(٨٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 842 843 844 845 846 847 848 849 850 851 852 ... » »»