شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٥٧
الغريزية الصالحة للتوليد. كما مر أن العارف بهمته يخلق ما يشاء، لكونه متصفا بالصفات الإلهية، والعادة التي هي السنة الإلهية لا تمنع القدرة الخارقة لها.
فبولادة عيسى من غير أب ثبت الأقسام الأربعة التي للولادة: وهو حصول الولد من غير أبوين، وحصوله بهما، وبالذكر وحده، وبالأنثى وحدها.
(فسبحان الذي هو على كل شئ قدير. فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق.
) قوله: (وخرج على صورة البشر من أجل أمه ومن أجل تمثل جبرئيل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد.
) جواب سؤال مقدر. وهو قول القائل: لما كان النافخ جبرئيل، والولد سر أبيه، كان الواجب أن يظهر عيسى على صورة الروحانيين. فقال: إنما كان على صورة البشر، لأن الماء المحقق كان من أمه وهي بشر، ولأجل تمثل جبرئيل عند النفخ بالصورة البشرية والصور التي يشهدها المرأة ويتخيلها حال المواقعة، لها تأثير عظيم في صورة الولد. حتى قيل: إن امرأة ولدت ولدا صورته صورة البشر وجسمه جسم الحية. ولما سئل عنها، أخبرت بأنها حين المواقعة رأت حية.
ثم علل الشيخ تمثل جبرئيل بصورة البشر بقوله: (حتى لا يقع التكوين) أي، الإيجاد في هذا النوع، إلا على السنة المعتادة. وأيضا، الصورة الإنسانية هي أشرف الصور. وأيضا، لو كان على صورة غيرها، لما حصلت المناسبة بينه و بين العباد المبعوث إليهم، لكنه واجب أن يخلق عليها للدعوة، كما قال: (ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون).
(فخرج عيسى يحيى الموتى، لأنه روح إلهي، وكان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبرئيل والكلمة لله.) لما كان وجود عيسى، عليه السلام، بالنفخ الجبرئيلي بلا واسطة أب بشرى وروحه فائضا من الحضرة الإلهية بلا واسطة روح من الأرواح أو اسم من الأسماء، (16) حصل في الوجود الخارجي متصفا بالصفة

(١٦) - قوله: (أو اسم من الأسماء) أي اسم خاص من الأسماء. بل بتوسط الاسم الجامع. وإلا فالفيض من الحضرة الإلهية بلا توسط اسم مطلقا، غير مفاض. فإن الذات من حيث هي، بل من حيث مقامها الأحدي، غير مربوط بالخلق، ولم يكن منشأ للآثار والفيوضات. وقد أشبعنا التحقيق في ذلك في رسالتنا الموسومة بمصباح الهداية. (الامام الخميني مد ظله)
(٨٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 852 853 854 855 856 857 858 859 860 861 862 ... » »»