(و (الناسوت) هو المحل القائم به ذلك الروح.) أي، البدن هو المسمى ب (الناسوت)، كما تسمى الروح المجردة ب (اللاهوت).
(فيسمى (الناسوت) روحا بما قام به.) والمراد ب (الروح) هنا، الروح المنطبعة في البدن، إذا الروح قد تكون مجردة، وقد تكون منطبعة وتسمى بالنفس المنطبعة، وقد تسمى (البدن) باشتماله على الروح روحا مجازا، كما يقال لبائع الخبز: يا خبز. ف (الباء) في (بما قام) للسببية. ويجوز أن يكون بمعنى (مع).
أي، البدن مع ما قام به من الروح يسمى روحا، لذلك سمى الله تعالى عيسى (روحا) بقوله: (وروح منه).
(فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبرئيل لمريم، عليها وعليه السلام، بشرا سويا، تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها.) أي، بجميع همها وقواها الروحانية.
(ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز، فحصل لها حضور تام مع الله و هو الروح المعنوي.) أي، ذلك الحضور التام هو الروح المعنوي. لذلك يجعل (الحضور) في الصلاة بمثابة الروح لها، والصلاة مع عدم الحضور، كالبدن الذي لا روح فيه. وفي بعض النسخ: (فحصل لها حضورا تاما). - من (التحصيل).
أي، حصل جبرئيل لمريم، عليهما السلام، الحضور التام بتمثله عندها في الصورة البشرية مريدا مواقعتها.
(فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة، لخرج عيسى، عليه السلام، لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه كحال أمه.) لأن الولد إنما يكون بحسب ما غلب على الوالدين من الصفات والهيئات النفسانية والأعراض الجسمانية. و (شكاسة الخلق) ردائته.
(فلما قال لها: (إنما أنا رسول ربك جئت لأهب لك غلاما زكيا). انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها، فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى، عليه السلام.) وإنما انشرح صدرها وانبسطت من ضجرها، لأن الله تعالى كان بشرها بعيسى، كما قال: (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن