شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٦٠
في الوجود العيني على سبيل الخرق عند تجليه بفيضه الأقدس الموجب لتعين الأعيان في العلم أزلا. وأما الثاني، فهو تمكين العبد من التصرف مع إلهام قلبي أو وحى نازل لذلك التصرف حين حصول الوقت المقدر، وجميع شرائطه بفيضه المقدس. فلا ينبغي أن يتصور أن الإذن هو الأمر بالتصرف، سواء كان مستعدا له أولا. فإن روح ذلك الأمر أيضا هو الاستعداد الذاتي الذي يستدعى بلسان الحال من الله إظهار كماله.
(وكذلك (تبرئ الأكمه والأبرص) وجميع ما ينسب إليه وإلى إذن الله.) و كذلك جميع ما ينسب إلى عيسى من خوارق العادات من إبراء الأكمه والأبرص و غيرهما، يشتمل على الجهتين المذكورتين، أي، جهة التحقق وجهة التوهم.
لذلك جاء في الكل (بإذن الله) أو (بإذني) كما قال: (وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني). وهو المراد بقوله: (أو إذن الكناية في مثل قوله تعالى: (بإذني وبإذن الله) فإذا تعلق المجرور ب‍ (تنفخ) فيكون النافخ مأذونا له في النفخ، ويكون) أي، تحصل.
(الطائر على النافخ بإذن الله.) هذا إشارة إلى الجهة المحققة. كما مر بيانها.
(وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طيرا بإذن الله.) أي، يكون عين الطائر نفسه في الخارج. كما مرت الإشارة إليه من أن الأمر من الله، والتكوين من نفس الشئ المكون.
(فيكون العامل عند ذلك (فيكون). فلولا أن في الأمر توهما وتحققا، ما قبلت
(٨٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 855 856 857 858 859 860 861 862 863 864 865 ... » »»