شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٢٦
عليه. ما ذكره من بعد، وطلب أن يكون له قدرة يتعلق بالمقدور. ويجوز أن يكون المراد بها طريق الوحي. لكن الأول أولى، إذ لا تعتب على ما يطلبه نبي بالوحي. إلا أن يقال العتب مترتب على الطلب على سبيل التعجب والاستغراب بالنسبة إلى القدرة العظيمة الإلهية. وذلك عين سوء الأدب مع الله. أي، لما كان طلب العزير الاطلاع على سر القدر ذوقا واتصافا بالقدرة، أو بطريق الوحي - إذ هو الطريقة الخاصة بالأنبياء لكونهم يحترزون عن النظر بالعقل في الأمور الإلهية خصوصا في مثل هذا المقام مع الاستغراب والتعجب - وقع العتب عليه. كما ورد في الخبر من أنه قيل له: (لئن لم تنته يا عزير، لأمحون اسمك من ديوان النبوة).
لأن مثل هذا السؤال لا يليق بمن تحقق بالحقائق الإلهية وعلم طريقها. و كان الواجب أن يستصغر كل عظيم بالنسبة إلى قدرته تعالى. فمن سذاجة قلبه سأل ما سأل على الطريقة الخاصة حتى وقع في معرض العتب. ولو كان على طريق الكشف لحصول الاطمينان، لا على طريق التعجب والاستغراب، لما وقع عليه العتب، كما لم يقع على إبراهيم إذ قال: (رب أرني كيف تحيى الموتى.
قال...) - الآية. وهذا المعنى بلسان أهل الظاهر، لذلك قال فيما بعد: (وأما عندنا) إلى آخره.
(والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه: (أنى يحيى هذه الله بعد موتها).) أي، والدليل على سذاجة قلبه قوله: (أنى يحيى هذه الله بعد موتها). و إنما قال: (في بعض الوجوه) فإن أصحاب التفاسير اختلفوا في أن المار على القرية الخاوية القائل بهذا الكلام من كان؟ فمنهم من قال إنه عزير، عليه السلام. وهو قول (قتادة). وقال (وهب): هو (إرميا). وقيل (الخضر) وقال (الحسن):
(كان علجا كافرا مر على قرية، وكان على حمار، ومعه سلة تبن). وقيل: تين و عنب. والله أعلم. فمعناه: الدليل على سذاجة قلبه هذا القول في بعض الوجوه المذكورة.
(وأما عندنا فصورته، عليه السلام، في قوله هذا كصورة إبراهيم: (أرني كيف تحيى الموتى). ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الذي أظهره الحق فيه في قوله:
(٨٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 821 822 823 824 825 826 827 828 829 830 831 ... » »»