شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٢٩
واعلم، أن الأعيان هي المفاتيح الأول بالنسبة إلى الشهادة، لا مطلقا، فإن الأسماء الذاتية المقتضية للأعيان هي المفاتيح الأول مطلقا، لأنها مفاتيح الأعيان وأربابها أيضا (16) (وقد يطلع الله من يشاء من عباده على بعض الأمور من ذلك.) كما قال: (ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء). وقال: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحد إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا) (1 - 16) (واعلم، أنه لا تسمى (مفاتيح) إلا في حال الفتح، وحال الفتح هو حال تعلق التكوين بالأشياء.) أي، الأعيان لا تسمى بالمفاتيح إلا في حال الفتح. وهو عند تعلق الإرادة بتكوين الأشياء (17) ولما كان ذلك التعلق غير منفك عن تعلق القدرة بها وأن تعلق الإرادة بالتكوين هو بعينه أن تعلق القدرة بالمقدورات، قال: (أو قل إن شئت: حال تعلق القدرة بالمقدور.) وإنما قال: (ولا ذوق لغير الله في ذلك.) لأن كل ما وقع عليه اسم الغيرية محصور مقيد، وكل ما هو مقيد موصوف بالعجز والقصور لا بالقدرة، فليس لأحد من العباد قدرة على الإيجاد. كما قال: (لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يخلقوا ذبابا لم يقدروا عليه).
(فلا يقع فيها تجل ولا كشف، إذ لا قدرة ولا فعل إلا لله خاصة، إذ له الوجود المطلق الذي لا يتقيد.) أي، فإذا لم يكن لغير الله ذوق في القدرة على الإيجاد، لا يتجلى الحق للعباد من حيث القدرة، ولا ينكشف لهم هذا الحال، إذ القدرة على الإيجاد لله لا للغير.

(16) - و (الأرباب) هي الأسماء المتجلية والمربية للأعيان القابلة. (ج) (1 - 16) - قوله: (رصدا) أي، منتظرا ومترصدا لأمر الله. (ج) (17) - وأما أعيان الممتنعات لا تسمى ب‍ (المفاتيح). وأما حال الفتح هو حال ظهور ما في الخزائن الإلهية، أي، العين المخلوق. وظهور الأعيان إنما هو مع تعلق القدرة.
(ج)
(٨٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 824 825 826 827 828 829 830 831 832 833 834 ... » »»