شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٢٤
واللطف، والعين الآبية الكافرة يطلب من الله أن يتجلى عليها بالغضب والقهر، فأظهرت الأعيان أحكام نسبة الرضا والغضب ووجودهما بالفعل، فتقابلت الأسماء الإلهية، وانقسمت بالجمال والجلال، لأن كل ما يتعلق بالرضا واللطف فهو الجمال، وما يتعلق بالقهر والغضب فهو الجلال.
(فحقيقته تحكم في الموجود المطلق والموجود المقيد، لا يمكن أن يكون شئ أتم منها ولا أقوى ولا أعظم، لعموم حكمها المتعدى وغير المتعدى) أي، فحقيقة العلم بسر القدر، أو حقيقة سر القدر، تحكم في الموجود المطلق. وفي بعض النسخ: (في الوجود المطلق). أي، في الحق بإثبات الرضا والغضب له والاتصاف بالأسماء الجمالية والجلالية. وتحكم أيضا أن توجد كل عين بما يقتضى استعدادها ويقبل ذاتها، ويحكم في الموجود المقيد بالسعادة والشقاوة، وكونه مرضيا عند ربه أو مغضوبا عليه، وأن يوجد بمقتضى عينه في الأخلاق والأفعال و جميع كمالاته. فلا يمكن أن يكون شئ أتم من حقيقة سر القدر، لأن حكمها عام: تحكم في الحق وأسمائه وصفاته كلها من حيث إنها تابعة للأعيان، وتحكم في جميع الموجودات. والمراد ب‍ (الحكم المتعدى) الأحكام والتأثيرات التي تقع من الأعيان في مظاهرها، ويتعدى منها إلى غيرها بالفعل والانفعال. و غير المتعدى ما يقع في مظاهرها فقط، كالكمالات النفسانية من العلم والحكمة و غيرها.
(ولما كانت الأنبياء، صلوات الله عليهم، لا تأخذ علومها إلا من الوحي الخاص الإلهي، فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي، لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري عن إدراك الأمور على ما هي عليه. والإخبار أيضا (14) يقصر عن إدراك مالا ينال إلا بالذوق، فلم يبق العلم الكامل إلا في التجلي الإلهي، وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية، فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها و وجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها.) أي، لما

(14) - قوله: (والإخبار...) لأن التعبد بالجبر تقليد. (ج)
(٨٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 819 820 821 822 823 824 825 826 827 828 829 ... » »»