فضمير (فيها) عائد إلى (القدرة) (18) واتصاف الكمل بالقدرة على الإيجاد والإعدام في بعض الأعيان وبالنسبة على بعض الأعيان - كما هو مقرر عند الطائفة - إنما هو من حيث عدم المغايرة بينه وبين الحق بفناء جهة العبودية في جهة الربوبية.
أو من جهة الخلافة، لا الأصالة، كما قال الله تعالى عن لسان نبيه عيسى، عليه السلام: (وأبرء الأكمه والأبرص بإذن الله وأحيى الموتى بإذن الله). فلا يرد (19) (فلما رأينا عتب الحق له، عليه السلام، في سؤاله في القدر، علمنا أنه طلب هذا الاطلاع) أي، الاطلاع على كيفية تعلق القدرة بالمقدور على سبيل الذوق.
(فطلب أن يكون له قدرة يتعلق بالمقدور، وما يقتضى ذلك إلا من له الوجود المطلق.) كالحق تعالى ومن فنى وجوده وإنيته في الحق من العباد. (فطلب مالا يمكن وجوده في الخلق ذوقا، فإن الكيفيات لا تدرك إلا بالأذواق.) (20) كما لا يمكن للعنين إدراك لذة الوقاع على سبيل السماع. وجميع الوجدانيات بهذه المرتبة.
فمن ليس له قوة الوجدان، لا يمكن له حصول العرفان.
(وأما ما رويناه مما أوحى الله به إليه: (لئن لم تنته، لأمحون اسمك من ديوان النبوة). أي، أرفع عنك طريق الخبر، وأعطيك الأمور على التجلي، والتجلي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي، فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك، فتنظر في هذه الأمر الذي طلبت، فلما لم تره، تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه، وإن ذلك من خصائص الذات الإلهية. فقد علمت أن الله (أعطى كل شئ خلقه). فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاص، فما هو خلقك، ولو كان خلقك، لأعطاكه الحق الذي أخبر أنه أعطى كل شئ خلقه.