فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك، لا تحتاج إلى نهى إلهي. وهذا عناية من الله بالعزير، عليه السلام. علم ذلك من علمه، وجهله من جهله.) جواب (أما) قوله: (أي أرفع). تقديره: وأما ما رويناه من قوله تعالى ب (لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوة). فمعناه: أرفع عنك طريق الخبر، و أعطيك الأمور على التجلي. ولما كانت النبوة مأخوذة من (النبأ) وهو الخبر، فسر طريق الكشف، لأن النبي ولى، ومن شأن الأولياء الكشف، فإذا ارتفع الحجاب وانكشف حقائق الأمور، علم أن الحق ما يعطى لأحد شيئا إلا بحسب الاستعداد. فإذا نظر ولم يجد في عينه استعداد ما يطلبه، ينتهى عن الطلب ويتأدب بين يدي الله، ولا يطلب ما ليس في وسعه واستعداده. و يعلم أن مطلوبه مخصوص بالحق، ليس لغيره فيه ذوق ولا كشف. ويعلم أن الله أعطى كل شئ خلقه، أي استعداده الذي يخلق في الشهادة بحسبه عند تعين المهيات وفيضها أزلا، فمن أعطى له الحق هذا الاستعداد الخاص وجعله خليفة، يصدر منه ذلك، كالإحياء من عيسى عليه السلام وشق القمر من نبينا، صلى الله عليه وسلم، والتصرفات التي يتعلق بالقدرة. ومن لم يعط له ذلك، لم يمكن صدوره منه، سواء طلب ذلك أو لم يطلب.
ولما كان ظاهر الخبر سلب النبوة عنه وإبعاده من حضرته وهذا لا يليق بمراتب الأنبياء صلوات الله عليهم. لأنهم المصطفون من العباد وأعيانهم مقتضية لها (21) لا يمكن سلبها عنهم - صرح بأن هذا العتب عناية من الله في حقه وتأديب، كما قال، صلى الله عليه وسلم: (أدبني ربي، فأحسن تأديبي) (22) علم هذا المعنى (23) من علم من أهل الحجاب والطغيان. أو لما كان الخبر في الباطن