شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٢١
فقوله: (وعارفون) أي، ولا من حيث إنهم أنبياء. فنبه بهذا الاطلاع على كون النبوة تعطى العلم والمعرفة بالله والمراتب، وعلى أن العارفين لهم نصيب من النبوة العامة، لا الخاصة التشريعية. وقوله: (على مراتب ما هي عليه أممهم) بإضافة (المراتب) إلى (ما) خبر (أن). و (هي) ضمير مبهم مفسره (أممهم).
تقديره: أن الرسل، من حيث هم رسل، عالمون على قدر مراتب أممهم على ما هي عليه.
(والأمم متفاضلة، يزيد بعضها على بعض، فيتفاضل الرسل في علم الإرسال بتفاضل أممها. وهو قوله: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض).) معناه ظاهر.
و (هو) بمعنى ذلك. أي، وذلك التفاضل ثابت بقوله: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض).
(كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم، عليه السلام، من العلوم والأحكام متفاضلون بحسب استعداداتهم. وهو) أي، ذلك التفاضل هو المشار إليه (في قوله: ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض.) أي، الرسل يتفاضلون بتفاضل أممهم، كما يتفاضلون فيما يرجع إلى ذواتهم من العلوم والمعارف والأحكام الإلهية. ففي الكلام تقديم وتأخير. تقديره: كما هم متفاضلون فيما يرجع إلى ذواتهم.
(وقال تعالى في حق الخلق (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق). والرزق منه ما هو روحاني كالعلوم، وحسى كالأغذية. وما ينزله الحق إلا بقدر معلوم.) أي، بقدر يعلمه الحق من استعداد عين العبد في كل حين. (وهو الاستحقاق الذي يطلبه الخلق.) أي، ذلك (القدر المعلوم) هو ما استحق الخلق وطلبه من الحضرة الإلهية.
(فإن الله (أعطى كل شئ خلقه).) أي، أعطى كل شئ مقتضى خلقه و عينه دفعة واحدة في الأزل، ثم جعله وديعة في خزائن السماوات والأرض، بل في نفس كل شئ إلى أن يظهر في الحس. وإليه أشار بقوله: (فينزل بقدر ما
(٨٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 816 817 818 819 820 821 822 823 824 825 826 ... » »»