حتى يستكمل رزقها. ألا، فأجملوا في الطلب). فيستريح عن تعب الطلب. وإن طلب أجمل في الطلب، ولا يخاف من الفوات، ولا ينتظر لعلمه بأن الله في كل حين يعطيه من خزائنه ما يناسب وقته، فهو واجد دائما من مقصوده شيئا فشيئا، وما لا يحصل له لا يراه من الغير، فيحصل له الراحة العظيمة. وكذلك يعطى العذاب الأليم. لأن صاحبه قد يكون مقتضى ذاته أمورا لا تلائم نفسه، كالفقر و سوء المزاج وقلة الاستعداد، ويرى غيره في الغنى والصحة والاستعداد التام، ولا يرى سببا للخلاص، إذ مقتضى الذات لا يزول، فيتألم بالعذاب الأليم. فالعلم بسر القدر يعطى النقيضين: الراحة وعدمها، والألم وعدمه (13) وإطلاق النقيضين هنا مجاز، لأن الراحة والألم ضدان، وهما ليسا نقيضين. ولما كان كل منهما يستلزم عدم الآخر، أطلق اسم النقيضين عليها، كأنه قال: الراحة و عدمها، والألم وعدمه. وموضوعهما غير متحد أيضا.
(وبه وصف الحق نفسه بالغضب والرضا، وبه تقابلت الأسماء الإلهية.
) أي، وبسبب العلم بسر القدر وصف الحق نفسه بالغضب والرضا، لأنه يعلم ذاته بذاته ويعلم ما تعطيه ذاته من النسب والكمالات المعبر عنها بالأسماء والصفات، ومن جملة نسبه الرضا والغضب، فالعلم بذاته أعطاه الرضا والغضب، ولهاتين النسبتين انقسم الأسماء إلى. (الجمال) و (الجلال)، ومن هذا الانقسام حصل الداران: الجنة والنار. فصح أيضا أن العلم بالذات من حيث الرضا والغضب، هو سبب تقابل الأسماء الإلهية. هذا من جهة الذات و أسمائها. وأما من جهة الأعيان، فالعلم بها أيضا يعطى الحق الرضا والغضب، لأن العين المؤمنة المطيعة لأمر الله تطلب من الله تعالى أن يتجلى لها بالرضا