شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨١٨
بذلك.) ولما كان الأمر في نفسه كما قرره وليس مختصا ببعض الحاكمين دون البعض، عمم الحكم بقوله: (فكل حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه، كان الحاكم من كان.) أي، سواء كان الحاكم حاكما حقيقيا وهو في الباطن، كالحق سبحانه تعالى والمجردات المدبرات لأمر العالم لعلمهم بما في نفس الأمر، أو في الظاهر، كالأنبياء والرسل لاطلاعهم على ما في نفس الأمر من الاستعدادات بالكشف أو الوحي، أو مجازيا، كالملوك وأرباب الدول الظاهرة، لكونهم آلة و حجابا في صدور الحكم من الحاكم الحقيقي، فأكثر أحكامهم وإن كان ظاهرا مما ينسب إلى الخطأ، لكن في الباطن كلها صادرة من الله بحسب طبائع القوم و استعداداتهم. وإذا كان كل حاكم من وجه محكوما عليه، كان المجازاة بين مقامي الجمع والتفصيل واقعا.
(فتحقق هذه المسألة، فإن القدر ما جهل إلا لشدة ظهوره فلم يعرف، وكثر فيه الطلب والإلحاح.) (8) أي، تحقق مسألة سر القدر.

(8) - سأل بعض أصحاب خاتم الأولياء وسر الأنبياء أجمعين، على، عليه السلام، عن (القدر). وقال عليه السلام:
(القدر بحر عميق فلا تلجه). وسئل أيضا وقال: (إنه طريق وعر ولا تسلكه). ثم سئل. فقال: (إنه صعود عسر فلا تتكلفه). وروى عن النبي، صلى الله عليه وآله: (القدر سر الله، فلا تظهروا سر الله). وسئل بعض الناس عن الرئيس، ابن سينا (رض) عن معنى قول الصوفية: (من عرف سر القدر، فقد ألحد).
قال الشيخ في جواب السائل: (أن هذه المسألة من المسائل التي لا يدور إلا مرموزة ولا يعلم إلا مكنونة، والأصل فيه ما روى عن النبي (ص): (القدر سر الله، فلا تظهروه...). و روى أن رجلا سأل أمير المؤمنين عليا، عليه السلام، عن سر (القدر) فقال: (القدر بحر عميق...) والشيخ بعد بيان ما ذكرناه، قد تصدى لتحرير هذه المسألة وأجاب عن سؤال بعض الناس بعد تمهيد مقدمات، منها نظام العالم. فهم سر (قدر) را شيخ متأله مبتنى بر تحقيق در نظام عالم دانسته وبيان آنكه نظام موجود در عالم خلق از اول الصوادر تا عالم خلق وماده (عالمى كه برخى از سكنه آن در مقام واحديت ولوج نموده به سر قدر به علم انكشافى واقف شده اند) من الأزل إلى الأبد، در مرتبه علم تفصيلى حق، به نظامى اتم كه مقتضاى ذات حق است، موجود است. واين علم تفصيلى در عالم ربوبى را عرفا (قدر اول) مى دانند كه هر عينى طالب وجودى مناسب ذات خود مى باشد. آنچه كه ممكن الوجود است وتحقق آن مدخليت در نظام هستى دارد به قلم الهى بر صفحه وجود رقم زده شده ومى شود. در حديث مسلم (إن الله خلق القلم، وقال له: (أكتب علمى في خلقى إلى الأبد). صريح است در اين مهم كه آنچه مدخليت در نظام وجود دارد، مطابق نظام خاص در عالم ربوبى، با آثار مترتب ولازمه وجود وذات هر شئ، در خارج حتمى الوقوع است كه بالأخره برمى گردد به امر ذاتى هر موجودى. وآنچه از نفوس انسانى تحقق يابد، از نيكى وبدى، نسبت به كليه نظام غير معلل است، كه (ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وكتب مقعده من النار ومقعده من الجنة). كه (خلقت هؤلاء للجنة ولا أبالى، وهؤلاء للنار ولا أبالى). عرفا نيز به طريق خويش از سر (قدر) سخن گفته‌اند كه با آنچه شيخ، مؤلف شفاء گفته به اعتبار معنى متوافق است. قال علي بن أبي طالب، عليه السلام (على ما نقله الصدوق بإسناده عن الأصبغ بن نباته في باب القضاء والقدر من كتاب التوحيد). في القدر: (ألا، إن القدر سر من سر الله، وستر من ستر الله، وحرز من حرز الله، مرفوع في حجاب الله، مطوي عن خلق الله، مختوم بخاتم الله، سابق في علم الله. وضع الله العباد عن علمه ورفعه فوق شهاداتهم ومبلغ عقولهم، لأنهم لا ينالونه بحقيقة الربانية ولا بقدرة الصمدانية ولا بعظمة الربانية ولا بعزة الوحدانية، لأنه بحر زاخر خالص لله، عمقه ما بين السماء والأرض، عرضه ما بين المشرق والمغرب، أسود كالليل الدامس، كثير الحيات والحيتان، يعلو مرة ويسفل أخرى، وفي قعره شمس تضيئ، لا ينبغي أن يطلع عليها إلا الله والواحد الفرد. فمن تطلع عليها، ضاد الله في حكمه ونازعه في سلطانه وكشف عن سره وستره وباء بغضب من الله، ومأواه جهنم و بئس المصير). توحيد صدوق، ط 1357 ش‍، ص 383 - 384. يجب أن يعلم أن الاطلاع على سر القدر يوجب التمكين والخضوع بالنسبة إلى الكامل، وفي الجاهل وفي النفوس المستكبرة المستبدة يوجب الإلحاد والمفاسد التي هي لا تقاس بالإلحاد. وأيضا يجب أن يعلم أن الصحيح المطابق للعقل والنقل: (أن لا يطلع عليها إلا الله والواحد الفرد) وهو كامل كل عصر.
والكامل لما كان صاحب التمكين والدعوة، يرى الأمور موافقا لقضاء الله، يوجب فيه الكمال. (ج)
(٨١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 813 814 815 816 817 818 819 820 821 822 823 ... » »»