شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٣٢
والحقيقة وعدا، لا وعيدا، والوعيد عناية من الله في حقه، قال: (علم ذلك الوعد من علمه، وجهله من جهله.) (واعلم، أن الولاية هي الفلك المحيط العام، ولهذا لم ينقطع، ولها الإنباء العام. وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة. وفي محمد، صلى الله عليه وسلم قد انقطعت، فلا نبي بعده مشرعا أو مشرعا له، ولا رسول وهو المشرع.) لما فسر الغيب بما يتعلق بالولاية، نقل الكلام إليها. وإنما أطلق اسم (الفلك) عليها، لأنها حقيقة محيطة لكل من يتصف بالنبوة والرسالة والولاية، كإحاطة الأفلاك لما تحتها من الأجسام، ولكون الولاية عامة شاملة على الأنبياء والأولياء، لم ينقطع، أي، ما دام الدنيا باقية. وعند انقطاعها ينتقل الأمر إلى الآخرة. كما مر في الفص الأول والثاني (24) وللولاية الإنباء العام، لأن الولي هو الذي فنى في الحق، وعند هذا الفناء يطلع على الحقائق والمعارف الإلهية، فينبئ عنها عند بقائه ثانيا. وكذلك النبي، لأنه من حيث ولايته يطلع على المعارف والحقائق، فينبئ عنها، لكن الولي لا يسمى نبيا، ولا يسمى الأنبياء العام بالنبوة. وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة، وفي نبينا، صلى الله عليه وسلم، قد انقطعت، لذلك قال: (لا نبي بعدي). يعنى نبيا مشرعا - على صيغة اسم الفاعل - كموسى وعيسى ومحمد، عليهم السلام. أو نبيا مشرعا له، أي نبيا داخلا في شريعة مشرع، كأنبياء بنى إسرائيل، إذا كانوا كلهم على شريعة موسى، عليه السلام.
(وهذا الحديث قصم ظهور أولياء الله، لأنه يتضمن انقطاع ذوق العبودية

(٢٤) - قوله: (ولكون الولاية عامة...). أقول: لما كان مدار الرسالة على الاحتياجات الملكية من السياسات والمعاملات والعبادات، وهي من الأمور الكونية المنقطعة بانقطاعه، فلا محالة تنقطع هي أيضا، بل بالتشريع التام المتكفل لجميع الاحتياجات، كتشريع نبينا (ص)، بخلاف الولاية. فإن حقيقتها تحصل بالقرب أو نفس القرب التام، وهو غير منقطع. كما لا يخفى. (الامام الخميني مد ظله)
(٨٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 827 828 829 830 831 832 833 834 835 836 837 ... » »»