شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨١٤
ولما كان (القضاء) حكما كليا في الأشياء على ما يقتضيها أعيانها، و (القدر) جعله جزئيا معينا مخصوصا بأزمنة مشخصة له، قدم القضاء على القدر فقال:
(اعلم، أن القضاء حكم الله في الأشياء.) وراعى فيه معناه اللغوي، إذ القضاء لغة (الحكم). يقال: قضى القاضي. أي، حكم الحاكم من جهة الشرع. و في الاصطلاح عبارة عن الحكم الكلى الإلهي في أعيان الموجودات على ما هي عليه من الأحوال الجارية من الأزل إلى الأبد.
(وحكم الله في الأشياء على حد علمه بها وفيها.) إذا الحكم يستدعى العلم بالمحكوم به وعليه وما فيهما من الأحوال والاستعدادات.
(وعلم الله في الأشياء على ما أعطته المعلومات بما هي عليه في نفسها.) قد مر في المقدمات أن العلم في المرتبة (الأحدية) عين الذات مطلقا، فالعالم والمعلوم والعلم شئ واحد لا مغايرة فيها (3) وفي المرتبة (الواحدية)، وهي الإلهية، العلم

(3) - قوله: (العلم في المرتبة الأحدية...). إن كان المراد بالمرتبة (الأحدية) ما هي المعروف من مرتبة الذات الغيبية، فهي لا اسم لها ولا رسم، فلا يعتبر في هذه المرتبة صفة حتى يقال عين أو غير. ما مر في المقدمات أيضا كذلك. فإن الوجود بشرط لا لا يتصف بالعلم، ولا بغيره من الصفات. نعم، المرتبة الأحدية في اصطلاح آخر غير مرتبة الذات من حيث هي التي لا يتصف بصفة، كما أشار إليه صاحب مصباح الأنس في أول كتابه. وعليه يكون المرتبة الأحدية هي مرتبة الذات مع تعينها بالأسماء الذاتية، ويمكن جعل العلم بالذات منها.
(الامام الخميني مد ظله)
(٨١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 808 809 810 811 813 814 815 816 817 818 819 ... » »»