بآداب العبودية، وملازمة لما يقتضيه ذاته من الضعف والعجز.
(إلا أن يكون) أي، المخير. (ناقص المعرفة.) فإنه يتصرف لجهله بمقام المتصرف فيه، وظهور نفسه بمقام الربوبية الذي هو نقص بالنسبة إلى الكمل، و عدم علمه بما هو ذاتي له من الضعف والفقر والمسكنة والعجز، ولعدم علمه بأن التخيير قد يكون ابتلاء من الله، ولعدم التأدب بين يدي الله.
(قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به: (إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة، وتركناه تظرفا). هذا (7) لسان إدلال.) أي، هذا الذي ذكره أبو السعود، لسان من يتدلل على ربه، وهو نوع من سوء الأدب بالنسبة إلى الحضرة الإلهية. (وأما نحن، فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا، (8)) أي، (التظرف) عبارة عن ترك التصرف على سبيل الإيثار.
(وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا يقتضيه) أي، لا يقتضى التصرف. (بحكم الاختيار، فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم، فعن أمر إلهي وجبر لا بالاختيار. ولا شك أن مقام الرسالة تطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه) من المعجزات وخارق العادات.
(ليظهر دين الله، والولي ليس كذلك. ومع هذا فلا يطلبه (9) الرسول في الظاهر.) أي، ومع أن الرسول يحتاج في إظهار دين الله إلى التصرف وخرق العادة، فلا يطلب التصرف في الظاهر. (لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في إظهار الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم، فيبقى عليهم.) من (الإبقاء). أي،