(فقد بان لك السر * وقد اتضح الأمر) أي، ظهر لك سر القدر واتضح أمر الوجود على ما هو عليه، والأمر الذي اشتبه على علماء الظاهر كلهم، حيث ذهب بعضهم إلى الجبر المحض بنسبة الفعل إلى الحق فقط، وبعضهم إلى القدر الصرف بنسبة الفعل إلى العبد فقط، فاتضاحه أن الفعل يحصل منهما. كما مر، وسيجئ بيانه في الفص التالي لهذا الفص.
(وقد أدرج في الشفع * الذي قيل هو الوتر) أي، الواحد الحقيقي الذي يوصف ب (الوتر) أدرج في (الشفع)، وهو أعيان العالم، لأنها وقعت في المرتبة الثانية. وبهذا الإدراج حصلت الأعيان، إذ الواحد هو الذي بتكراره يحصل منه الشفع، وبزيادة الواحد عليه، يحصل الفرد.
فقوله: (الذي قيل هو الوتر) مفعول أقيم مقام الفاعل للفعل المبنى للمفعول، وهو (أدرج). ولا ينبغي أن يتوهم أنه صفة (الشفع)، فإنه قسيم للوتر، إذ (الوتر) هو الفرد. ومن توهم فقد غلط.
ولا بد أن يعلم أن (الوتر) و (الفرد) قد يطلق ويراد به ما يقابل الشفع. و بهذا الاعتبار إطلاقه على الحق يكون حسب مقام جمعه الإلهي، كما قال: (إن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء). وقد يطلق ويراد به الواحد الذي ليس من العدد وهو أصله. وبهذا الاعتبار يكون إطلاقه على الحق حسب مقام جمع الجمع الذي هو الهوية المطلقة المسماة ب (الأحدية). والله أعلم بالصواب.