شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٠٠
قول الله تعالى: (وهو الذي خلقكم من ضعف). وعلم أن الله خلق الخلق من العدم، ومعنى الآية أيضا يرجع إليه، إذ (الضعف) عدم القوة، والعدم أصل كل متعين. وإليه ترجع الصفات الكونية كلها، وعرف أن القوة لله جميعا بالأصالة، ولغيره بالتبعية، كما قال تعالى.
(ثم، جعل من بعد ضعف قوة، فعرضت القوة بالجعل.) أي، بالإيجاد بالخلق الجديد. (فهي قوة عرضية. ثم، جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة. فالجعل تعلق بالشيبة.) لأنها خلق جديد. (وأما (الضعف) فهو رجوع إلى أصل خلقه و هو قوله: (خلقكم من ضعف)) وهو العدم، لأنه عبارة عن عدم القوة.
(فرده لما خلقه منه). (اللام) بمعنى إلى. (كما قال تعالى: (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا). فذكر أنه رد إلى الضعف الأول.
فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف.) الكل ظاهر.
والمقصود أن القوة للخلق، من حيث إنه غير وسوى، عارضي. ولهذا قال:
(لا حول ولا قوة إلا بالله). والضعف والعجز ذاتي له، لأنه من العدم.
(وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين، وهو زمان أخذه في النقص والضعف.
فلهذا قال: (لو أن لي بكم قوة) مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة.) معناه ظاهر.
وإنما كانت (البعثة) بعد تمام (الأربعين)، لأن أحكام النشأة العنصرية غالبة على أحكام النشأة الروحانية في تلك المدة، والقوة الطبيعية مستعلية على القوى الروحانية بحيث لا يظهر أثرها إلا أحيانا، ولذلك يغلب السواد، أيضا في تلك المدة، على الشعر. والحكمة في هذه الغلبة واختفاء القوى الروحانية، تكميل النشأتين وتحصيل السعادتين، لأن الرب كما يرب الظاهر في ذلك الزمان، يرب الباطن أيضا (2)

(2) - أي، زمان غلبة الأحكام العنصرية برب الباطن أيضا، إما بالاسم الباطن أو بالاسم الظاهر. فإن الأسماء لها أحدية الجمع. أو بالاسم الحاكم على ذلك النبي. فإن الاسم الحاكم على النبي، له أحدية الجمع على حسب حيطة النبي وسعة استعداده. (الامام الخميني مد ظله)
(٨٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 795 796 797 798 799 800 801 802 803 804 805 ... » »»