شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨١٠
ذواتهم حال كونها في العدم، منتقشة بجميع ما يطرأ عليها من الأزل إلى الأبد، فالأخذ عنا بالإيجاد والإظهار، والأخذ عنهم بالاتصاف والقبول.
أو فالكل منا بحسب القابلية وإعطاء أعياننا للحق ما يفيض علينا من التجليات والأحوال، ومنهم، أي ومن الأسماء الأسماء الإلهية، بحسب الفاعلية.
والأخذ عنا، أي، يأخذ الحق عنا ما تعطيه ذواتنا. وعنهم، أي، يأخذ عن أسمائه ما تعطيه الأسماء من الإيجاد والقدرة وغيرها. وهذا أنسب للبيت الثاني و هو قوله:
(إن لا يكونون منا * فنحن لا شك منهم ) أي، إن كانت الأسماء بحيث لا يكونون منا، فوجودنا لا شك حاصل منهم، أي، من تلك الأسماء، سواء كان الوجود علميا أو عينيا. ف‍ (كان) مع اسمها مقدرة بعد (إن). كقولهم: إن خيرا، فخير.
فعلى المعنى الأول من البيت الأول، معناه: إن لم يكن وجود الأعيان من الأسماء، فوجود الأسماء لا شك منهم، أي من الأعيان، فيلزم انقلاب الرب مربوبا، والمربوب ربا، وكون الأعيان موجودة بأنفسها علما وعينا، لأنها إذا كانت (11) علة الأسماء، كانت متقدمة عليها بالذات، والذات الإلهية من حيث هي هي غنية عن العالمين. فبقى أن توجد الأعيان بأنفسها من غير طلب الأسماء إياها، ويلزم انخرام قواعد التوحيد.
(فتحقق يا ولى هذه الحكمة الملكية من الكلمة اللوطية، فإنها لباب المعرفة.) إنما جعل هذه الحكمة (لباب المعرفة) لأنها مشتملة على بيان الضعف الأصلي الذي هو للخلق ذاتي، وعلى بيان أن كمال المعرفة تمنع صاحبها من التصرف في العالم و أهل العالم يزعمون خلافه، وعلى بيان أسرار القدر الذي لا يعلمها إلا أكابر الأولياء. ولذلك قال:

(11) - أي، إذا كانت الأعيان. (ج)
(٨١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 805 806 807 808 809 810 811 813 814 815 816 ... » »»