فضربت به العدو، فأوسعت ما فتقت الطعنة حتى يرى القائم ما وراء تلك الطعنة من جانب آخر. كأنه جعل موضع الطعنة مثل شباك يرى منها ما وراءها.
(فهو قوله تعالى عن لوط: (لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد). فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (يرحم الله أخي لوطا، لقد كان يأوى إلى ركن شديد). فنبه، عليه السلام، أنه كان مع الله من كونه شديدا.) أي، (الملك) المفسر بالشدة مستفاد من قوله تعالى عن لسان لوط، عليه السلام: (لو أن لي بكم قوة) والمراد ب (القوة) الهمة القوية المؤثرة في النفوس، لأن القوة منها جسمانية، ومنها روحانية، وهي الهمة. والروحانية أقوى تأثيرا، لأنها قد تؤثر في أكثر أهل العالم أو كله، بخلاف الجسمانية. (أو آوى) أي، التجئ إلى (ركن شديد). أي، قبيلة قوية غالبة على خصمائها. هذا بحسب الظاهر. وأما بحسب الباطن، فإنه التجأ إلى الله من حيث إنه قوى شديد، كما نبه عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
(والذي قصد لوط، سلام الله عليه، القبيلة ب (الركن) الشديد، والمقاومة بقوله: (لو أن لي بكم قوة). وهي (الهمة) هنا، من البشر خاصة.) (القبيلة) مرفوعة على أنها خبر المبتدأ، والرابطة محذوفة. أي، الذي قصده لوط هي القبيلة. و (المقاومة) عطف على (القبيلة). وإنما قصد لوط، عليه السلام، القبيلة ب (الركن الشديد)، لأنه يعلم أن أفعال الله تعالى لا يظهر في الخارج إلا على أيدي المظاهر، فتوجه بسره إلى الله، وطلب منه أن يجعل له أنصارا ينصرونه على أعداء الله، وقوة وهمة مؤثرة من نفسه ليقاوم بها الأعداء.
(فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (فمن ذلك الوقت يعنى من الزمن الذي قال فيه لوط عليه السلام: أو آوى إلى ركن شديد ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه).) أي، ما بعث نبي إلا بين منعة يمنعون شر الأعداء منه. (فكان تحمية قبيلته كأبي طالب عليه السلام مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم. فقوله) أي، قول لوط، عليه السلام: ((لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد).
لكونه، عليه السلام، سمع الله يقول: (الله الذي خلقكم من ضعف) بالأصالة.) أي، هذا القول إنما وقع لكون لوط، عليه السلام، أدرك بالنور الإلهي معنى