شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٠٣
- يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون).) ضمير (إنما هو) عائد إلى (التسمية). ذكره باعتبار (القول)، أو تغليبا للخبر. ومعناه: فتسمية ما عليه المنازع من الطريق الخاص به (نزاعا)، إنما هو أمر عرضي، حصل للمحجوبين بواسطة الحجاب الذي على أعينهم من سر القدر. فإنهم يتوقعون من جميع الخلائق الاهتداء والرشد لما جاء به الأنبياء، عليه السلام، وما يعلمون أن كل عين لا تقبل إلا ما يعطيه الاسم الحاكم عليه من الله، وكل موافق لطريقه.
ولو كانوا يعلمون ذلك، ما كانوا يسمونه منازعا مطلقا، بل موافقا. لذلك قال تعالى في حقهم: (ولكن أكثر الناس لا يعلمون). أي، سر القدر. (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون). أي، يعلمون ما ظهر لهم من النشأة الدنياوية، وهم عن النشأة الأخراوية التي عندها يظهر سر القدر، غافلون.
واعلم (4)، أن ما زعم المحجوب، أيضا حق واقع. فإن للأسماء مقتضيات متوافقة ومتخالفة: الأول، ك‍ (الرحيم) و (الكريم). والثاني، ك‍ (الرحيم) و (المنتقم). فإذا اعتبر مقتضى كل اسم بحسبه، أو بحسب الاسم الموافق له، كانت عينه موافقة لطريقها، كما مر من أن كل واحد من الأعيان على طريق مستقيم وهو عند ربه مرضى. وإذا اعتبر بحسب اسم آخر مخالف له، كانت عينه مخالفة، فالتخالف والتضاد بين الأسماء والأعيان واقع. والأنبياء، عليه السلام، أمروا بالدعوة، علموا سر القدر، أو لم يعلموا لمقاصد: (5) أحدها، تميز أهل الدارين. وثانيها، إيصال كل بكمال ما يقتضى حقيقته. وثالثها، الحجة لهم وعليهم، إذ الأنبياء، عليه السلام، حجج الله على خلقه، كما قال تعالى: (و

(4) - فعلم أن قوله: (واعلم) شرح آخر غير الشرح الأول، وهذا الشرح تعريض على الشرح الأول. (ج) (5) - أي، علموا سر القدر، كالمرسلين منهم عليهم السلام، أو لم يعلموا سر القدر لمقاصد، كغير المرسلين من الأنبياء. فافهم وتأمل في دقائق كلام الشارح العلامة. (ج)
(٨٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 798 799 800 801 802 803 804 805 806 807 808 ... » »»