شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٧٠
(فلما تعارض الأمر بحكم النسب، ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده). أي، فلما تعارض الأمر الإلهي بحكم النسب والإضافات - من الصفات الحقيقية والإضافات المتقابلة كالقهر واللطف والرحمة والنقمة - أضاف الشفقة على عباده إلى نفسه، كما ورد: (الله رؤوف بالعباد). و (الشفقة) هي الرحمة. فرحم بها عباده وأسماءه التي يطلب العباد بإظهارها، وإظهار ما عليه سلطنتها من أعيان العالم، لأنها سبب ظهور كمالات الأسماء، والربوبية لا تتم بها.
(فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى (الرحمن) بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية) أي، فأول شئ نفس عنه الحق و أزال الكرب إنما كان صفة الربوبية عن جميع الأسماء، لذلك قدمها، وعطف (جميع الأسماء الإلهية) عليها. وذلك لأن (الربوبية) وجميع الأسماء الإلهية اقتضت وجود المربوبات ومظاهر الأسماء والصفات، وذلك (التنفيس) كان بإيجاد العالم في الخارج، لكن بواسطة (النفس الرحماني). (فأول) مبتدأ، خبره (عن الربوبية). ويجوز أن يكون خبره: (بإيجاده العالم). أي، أول ما نفس عن الربوبية، إنما كان بإيجاد أعيان العالم. ويجوز أن يكون (ما) في قولهما (ما نفس) مصدرية. فمعناه: فأول تنفيسه عن الربوبية بإيجاد الأعيان، ثم بإظهار كمالاتها، ثم بإنزال كل منها في مقام يليق بحاله في الآخرة.
(فيثبت) وفي بعض النسخ: (فثبت). (من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شئ، فوسعت الحق، وهي أوسع من القلب، أو مساوية له في السعة). أي، لما كان الغرض من قوله: (وأما الإشارة بلسان الخصوص) إلى هنا، إثبات أن الحق كما هو (راحم) كذلك هو (مرحوم) من وجه آخر، صرح هنا بالمقصود وهو أن رحمته وسعت كل شئ، اسما كان ذلك الشئ أو عينا. وإذا كانت كذلك، وسعت الحق أيضا، لأنه عين هذه الأسماء والأعيان. فرحمته أوسع من القلب،
(٧٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 765 766 767 768 769 770 771 772 773 774 775 ... » »»