شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٢
إلى الحق ولذة عظيمة مرغبة في العبادة فهو ملكي أو رحماني، وبالعكس شيطاني.
وما يقال، ان ما يظهر من اليمين أو القدام أكثره ملكي ومن اليسار والخلف أكثره شيطاني ليس من الضوابط، إذ الشيطان يأتي من الجهات كلها كما ينطق به القرآن الكريم: (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين). والأول اما ان يتعلق بالأمور الدنيوية، مثل احضار الشئ الخارجي الغايب عن المكاشف في الحال كاحضار الفواكه الصيفية في الشتاء، مثلا، والاخبار عن قدوم زيد غدا، وأمثال ذلك مما هو غير معتبر عند أهل الله فهي جنى، وطي المكان والزمان والنفوذ في الجدران من غير الانثلام والانشقاق أيضا من خواصهم وخواص الملائكة التي هي أعلى مرتبة منهم فان كان للكمل منها شئ فمعاونة منهم ومن مقامهم. وان لم يتعلق بها أو يتعلق بالآخرة أو كان من قبيل الاطلاع بالضماير والخواطر فهو ملكي لان الجن لا يقدر على ذلك. وان كان بحيث يعطى المكاشف قوة التصرف في الملك والملكوت كالاحياء والإماتة والاخراج لمن هو في البرازخ محبوس وادخال من يريد في العوالم الملكوتية من المريدين الطالبين فهو رحماني لان أمثال هذه التصرفات من خواص المرتبة الإلهية القائم فيها وبها الكمل والأقطاب. وقد يقال لغير الشيطاني كلها رحماني.
فإذا عرفت ما بينا لك واعتبرت حالك ومقامك علمت كمال استعدادك و مرتبة كشفك ونقصانهما، والله الحكيم العليم.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 117 117 118 119 127 ... » »»