الروح الأعظم الانساني، سواء كان روحا فلكيا أو عنصريا أو حيوانيا، و صورها صور تلك الحقيقة ولوازمها، لذلك يسمى عالم المفصل بالانسان الكبير عند أهل الله لظهور الحقيقة الانسانية ولوازمها فيه، ولهذا الاشتمال وظهور الاسرار الإلهية كلها فيها دون غيرها استحقت الخلافة (2) من بين الحقايق كلها.
ولله در القائل:
شعر سبحان من أظهر ناسوته (3) سر سنا لاهوته الثاقب (4) ثم بدا في خلقه ظاهرا في صورة الآكل والشارب فأول ظهورها في صورة العقل الأول الذي هو صورة اجمالية للمرتبة العمائية المشار إليها في الحديث الصحيح عند سؤال الأعرابي: (أين كان ربنا قبل ان يخلق الخلق؟ قال عليه السلام، كان في عماء (5) ما فوقه هواء ولا تحته هواء). لذلك قال عليه السلام: (أول ما خلق الله نوري) وأراد العقل كما أيده بقوله: (أول ما خلق الله العقل). ثم في صورة باقي العقول والنفوس الناطقة الفلكية وغيرها وفي صورة الطبيعة والهيولي الكلية والصورة الجسمية البسيطة والمركبة بأجمعها. و يؤيد ما ذكرنا قول أمير المؤمنين ولى الله في الأرضين قطب الموحدين على بن أبى طالب، كرم الله وجهه، في خطبة كان يخطبها للناس: (انا نقطة باء بسم الله انا جنب الله الذي فرطتم فيه (6) وانا القلم وانا اللوح المحفوظ وانا العرش وانا الكرسي وانا السماوات السبع والأرضون). إلى ان صحافي أثناء الخطبة وارتفع عنه حكم تجلى الوحدة ورجع إلى عالم البشرية وتجلى له الحق بحكم الكثرة، فشرع معتذرا فاقر بعبوديته وضعفه وانقهاره تحت احكام الأسماء الإلهية ولذلك قيل، الانسان الكامل لا بد ان يسرى في جميع الموجودات كسريان الحق فيها و ذلك في السفر الثالث الذي من الحق إلى الخلق بالحق، وعند هذا السفر يتم كماله وبه يحصل له حق اليقين. ومن هيهنا يتبين ان الآخرية هي عين الأولية و يظهر سر (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم). قال