شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٢٧
الفصل التاسع في بيان خلافة الحقيقة المحمدية، صلى الله عليه وسلم، وانها قطب الأقطاب لما تقرر ان لكل من الأسماء الإلهية صورة في العلم مسماة بالماهية والعين الثابتة وان لكل واحد منها صورة خارجية مسماة بالمظاهر والموجودات العينية وان تلك الأسماء أرباب تلك المظاهر وهي مربوباتها، وعلمت ان الحقيقة المحمدية صورة الاسم الجامع الإلهي وهو ربها ومنه الفيض والاستمداد على جميع الأسماء، فاعلم، ان تلك الحقيقة هي التي ترب صور العالم كلها بالرب الظاهر فيها الذي هو رب الأرباب لأنها هي الظاهرة في تلك المظاهر، كما مر. فبصورتها الخارجية المناسبة لصور العالم التي هي مظهر الاسم الظاهر ترب صور العالم وبباطنها ترب باطن العالم، لأنه صاحب الاسم الأعظم وله الربوبية المطلقة. لذلك قال، صلى الله عليه وآله: (خصصت بفاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة). وهي تصديره بقوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين (1)) فجميع عوالم الأجسام والأرواح كلها. وهذه الربوبية انما هي من جهة حقيتها لا من جهة بشريتها، فإنها من تلك الجهة عبد مربوب محتاج إلى ربها كما نبه سبحانه بهذه الجهة بقوله: (قل انما انا بشر

(1) - اعلم، ان الحمد هو اظهار كمالات المحمود، ولما كان جميع الكمالات مترشحا عن الله والمعطى ليس بفاقد فهو واجد لجميعها، فالحمد، أي اظهار المحامد، كلها مختص به، و بحكم اتحاد الظاهر والمظهر فالحمد كله للحقيقة المحمدية فهي واجدة لجميع الكمالات جامعة بين عالم الأجسام والأرواح. فتلك الحقيقة دائرة كلية تشمل على جميع الدوائر الوجودية الكلية والجزئية النبوية والولوية وغيرها، وتحصل تلك الدوائر الوجودية بنفس تلك الدائرة الكلية والحقيقة الجمعية اللازم لنوريتها وقوتها في الوجود، فكلما نزل منها نزل وكلها صعد إليها صعد لأنها مبدء التجلي ومنتهى الكمال لعدم الواسطة بينها وبين الحق في مراتب الامكان ففي ظاهر نفسه أيضا منه تنزل وإليه تصعد ومن تلك الحقيقة حركات السماوات وحياة الأرض بما فيها من النبات والحيوانات لان كل شوق ينتهى إليها وكل كلمة الهية نازلة منها فهي أصل الكل. 12
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 117 117 118 119 127 128 129 130 131 137 ... » »»