بن عوف، رضى الله عنه عن عائشة: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (رأيت ربى تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال فبم يختصم الملأ الاعلى يا محمد (4)؟ قلت: أنت اعلم أي ربى، مرتين، قال فوضع الله كفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السماوات وما في الأرض (5)) ثم تلا هذه الآية: (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين)، أو على طريق الذوق كمن يشاهد أنواعا من الأطعمة فإذا ذاق منها واكل اطلع على معان غيبية. قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (رأيت انى اشرب اللبن حتى خرج الري من أظافيري فأعطيت فضلي عمر فأولت ذلك بالعلم). وهذه الأنواع قد يجتمع بعضها مع بعض و قد ينفرد. وكلها تجليات أسمائية، وإذ الشهود من تجليات الاسم البصير والسماع من الاسم السميع وكذلك البواقي، إذ لكل منها اسم يربه وكلها من سوادن الاسم العليم وان كان كل منها من أمهات الأسماء. وأنواع الكشف الصوري اما ان يتعلق بالحوادث الدنيوية، أولا. فان كانت متعلقة بها كمجئ زيد من السفر واعطائه لعمر وألفا من الدنانير فتسمى رهبانية لاطلاعهم على المغيبات الدنيوية بحسب رياضاتهم ومجاهداتهم. وأهل السلوك لعدم وقوف همهم العالية في الأمور الدنياوية لا يلتفتون إلى هذا القسم من الكشف لصرفها في الأمور الأخروية وأحوالها ويعدونه من قبيل الاستدراج (6) والمكر بالعبد بل كثير منهم لا يلتفتون إلى القسم الأخروي أيضا وهم الذين جعلوا غاية مقاصدهم الفناء في الله والبقاء به. والعارف المحقق لعلمه بالله ومراتبه وظهوره في مراتب الدنيا والآخرة واقف معه ابدا ولا يرى غيره ويرى جميع ذلك تجليات الهية فينزل كلا منها منزلته، فلا يكون ذلك النوع من الكشف استدراجا في حقه لأنه حال المبعدين الذين يقنعون من الحق بذلك ويجعلونه سبب حصول الجاه والمنصب في الدنيا وهو منزه من القرب والبعد المنبئين بالغيرية مطلقا. وان لم يكن متعلقة بها بان كانت المكاشفات في الأمور الحقيقية الأخروية والحقايق الروحانية من أرواح العالية والملائكة السماوية والأرضية، فهي مطلوبة معتبرة.
وهذه المكاشفات قل ما تقع مجردة عن الاطلاع بالمعاني الغيبية بل أكثرها يتضمن