شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٠٧
الفصل السابع في مراتب الكشف وأنواعها اجمالا اعلم، ان الكشف لغة رفع الحجاب. يقال: كشفت المرأة وجهها. أي رفعت نقابها. واصطلاحا هو الاطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية والأمور الحقيقية وجودا أو شهودا (1). وهو معنوي وصوري (2).
وأعني بالصوري ما يحصل في عالم المثال من طريق الحواس الخمس، وذلك اما ان يكون على طريق المشاهدة كرؤية المكاشف صور الأرواح المتجسدة والأنوار الروحانية، واما ان يكون على طريق السماع كسماع النبي، صلى الله عليه وسلم، الوحي (3) النازل عليه كلاما منظوما أو مثل صلصلة الجرس ودوى النحل كما جاء في الحديث الصحيح فإنه، عليه السلام، كان يسمع ذلك ويفهم المراد منه. أو على سبيل الاستنشاق وهو التنسم بالنفحات الإلهية والتنشق لفوحات الربوبية. قال عليه السلام: (ان لله في أيام دهركم نفحات الا فتعرضوا لها). وقال: (انى لا جد نفس الرحمان من قبل اليمن)، أو على سبيل الملامسة وهي بالاتصال بين النورين أو بين الجسدين المثاليين كما نقله عبد الرحمان

(١) - الظاهر ان يكون العبارة وجودا أي شهودا، ويؤيده ما في منازل السائرين وشرحه في معنى المكاشفة. فليتأمل. (غلامعلى) (٢) - اعلم، ان الاطلاع على الشئ والعلم به قد يكون بالبرهان والدليل وهو علم اليقين و قد يكون بالكشف والمشاهدة وهو على قسمين: عين اليقين وحق اليقين. وإليهما أشار بقوله (وجودا أو شهودا). ويمكن ان يكون قوله وجودا إشارة إلى الكشف المعنوي وشهودا إلى الكشف الصوري. فافهم. (غلامعلى) (3) - معنى المكاشفة والوحي انما يكون بالسر وهما من واد واحد، واما تخصيص الوحي بالنبي دون الولي الكامل مبنى على رعاية الأدب، والمكاشفة أو الوحي عبارة عن بلوع ما وراء الحجاب العلمي وجودا أي شهودا، والمشاهدة سقوط الحجاب بتا. فالمرتبة الا على من المشاهدة تجذب المشاهد إلى عين الجمع ونور الجمع يحرق وجود العبد و إذا صحا ورجع إلى البقاء صار وجوده وجودا حقانيا لغلبة جهة الحق لأنه غالب على امره فيصير عالما بأسراره وتجلياته في أطواره وحضرات أسمائه والمعاينة فوق مرتبة المشاهدة.
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 107 108 109 110 111 112 ... » »»