شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٣٠
(أقمت) على البناء للمفعول. (قرطبة)، مدينة من بلاد المغرب. (سنة ست و ثمانين وخمسمائة. ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود، عليه السلام. فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم). قيل: كان سبب جمعيتهم إنزاله مقام القطبية، ليكون قطب الأقطاب في زمانه. وكلام هود، عليه السلام، بشارته أنه خاتم الولاية المحمدية، ووارث الأنبياء والمرسلين، كما ذكره من نفسه في موضع من فتوحاته تصريحا وتعريضا (14) (ورأيته (15) رجلا ضخما في الرجال: حسن الصورة، لطيف المحاورة، عارفا بالأمور، كاشفا لها. ودليل على كشفه لها) أي، ودليلي من قوله تعالى على ذلك.
(قوله: (ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم). وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟ ثم، من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه (15) في القرآن. ثم، تممها الجامع للكل محمد، صلى الله عليه وسلم، بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان، أي، هو عين الحواس، والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بذكر الأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد) أي، حده. وإنما كان القوى الروحانية أقرب إلى الله تعالى، لأنها واسطة بين الحق والقوى الجسمانية، والواسطة يكون أقرب ممن يتوسط له.
ولقربها من الحق، كانت مجردة من الماديات الظلمانية، ومنورة بأنوار عالم القدس، مطهرة عن كدورات عالم الرجس. فإذا كان الحق عين الأبعد، يكون عين الأقرب على الطريق الأولى.
(فترجم الحق لنا عن نبيه، هود، مقالته لقومه، بشرى لنا. وترجم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن الله مقالته بشرى، فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم (وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون).) أي، الساترون للحق بإنكارهم و

(14) - وقد حققنا مسألة ولاية الشيخ وقطبيته - في فص الشيثي - وتصريحه بأن ختمية عيسى والخضر، وكل ولى في الأمة المحمدية، مختوم بالختم الولاية المهدوية. (ج) (15) - أي، عن الهود.
(٧٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 725 726 727 728 729 730 731 732 733 734 735 ... » »»