شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٢٨
في القبول إذا وجد شئ منها في القرآن والحديث، لا أنه مستند حكمه. فإنه يكاشف هذه المعاني ويجدها كما هي.
(إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة. ومن غيرته (حرم الفواحش)) (إلا) بمعنى (غير). أي، للأيدي والأرجل والجلود، حياة ونطق (11) غير أن الحق غيور ولا يريد أن يطلع المحجوبين على أسراره، فلذلك ستر حياتهم ونطقهم من غير أهل الله، وكشف على من جعله من المحبوبين من الأنبياء والأولياء والصالحين اعتناء لحالهم. وإخبارهم عنها بأمر الحق، ليميز المطيع المؤمن من المنكر الكافر.
ولما وصف الحق بالغيرة، جاء بقول النبي، صلى الله عليه وسلم: (ومن غيرته حرم الفواحش). كما جاء: (ألا، وأن لكل ملك حمى، وحمى الله محارمه).
ولما كان (الفحش) عبارة عن (الظهور) لغة، قال: (وليس الفحش إلا ما ظهر، وأما فحش ما بطن، فهو لمن ظهر له). أي، ليس الفاحش إلا ما ظهر في العين الحسى، وما بطن فهو بالنسبة إلى من ظهر عنده فاحش. فاستعمل (الفحش) وأراد (الفاحش) كما يقال: رجل (عدل). أي، عادل.
(فلما حرم الفواحش، أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة). أي، لما حرم الله الفواحش - كما قال تعالى: (قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن). - تسترها بالغيرة. أي، ستر تلك الحقيقة الإلهية التي ظهورها فحش.
(فسترها) جواب (لما). و (الفاء) زائدة. والضمير عائد إلى (الحقيقة). و فسر قوله تعالى بأنه منع أن يعرف كل أحد حقيقة ما ذكرناه، من أن هلاكهم

(11) - قوله: (إلا أنه تعالى وصف...). استثناء من كلماته السابقة المصرحة بأنه تعالى عين الطريق والمسافر. فإن هذا من الفواحش التي حرمها الله تعالى من غيرته، لا نطق الجلود والأيدي والأرجل. كذا أفاد الأستاذ، دام ظله. ويدل على ذلك قوله: (فلما حرم الفواحش) إلى آخر كلامه. كما لا يخفى. (الامام الخميني مد ظله)
(٧٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 723 724 725 726 727 728 729 730 731 732 733 ... » »»