شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٣٣
بوجود المثل - بل المقصود المبالغة في التنزيه، كما يقال: مثلك لا يغضب. أي، من يكون متصفا بالحكم، كما أنت متصف به، لا يغضب. والغرض نفى الغضب منه - يلزم التحديد أيضا، لأن ما يمتاز عن الشئ، محدود بامتيازه عنه، فسلب المثلية عنه تحدده. وهو المراد بقوله: (تحققنا بالمفهوم) أي، علمنا حقيقة بالمفهوم من الآية أنه محدود. وكذلك علمنا تحديده بالخبر الصحيح وهو: (كنت سمعه وبصره...). لأنه صار عين الأشياء، والأشياء محدودة بحدود مختلفة. و (إن) في قوله: (وإن اختلفت حدودها). للمبالغة.
(فهو محدود بحد كل محدود، فما يحد شئ إلا وهو حد للحق). لما كان (الحد) عبارة عن التعيين، والحد الاصطلاحي إنما يسمى بالحد لأنه أيضا تعين الشئ وتميزه عن غيره، نقل (17) الكلام إلى الحد الاصطلاحي الموجب لتعين الأشياء في العقل. وإنما جعله (محدودا بحد كل محدود)، لأنه عين لكل محدود، فحده حد الحق.
وقوله: (وهو) عائد إلى (الحد) الذي يدل عليه قوله: (فما يحد).
(فهو الساري في مسمات المخلوقات والمبدعات). أي، فالحق هو الساري في الحقائق المسبوقة بالزمان، وهي المخلوقات، وغير المسبوقات به، و هي المبدعات (18) (ولو لم يكن الأمر كذلك، ما صح الوجود). أي، ولو لم يكن سريان الحق في الموجودات، ما صح وجود موجود أبدا، لأنه بالحق موجود لا بنفسه، بل هو الحق الظاهر بتلك الصورة. (فهو عين الوجود). أي، فالحق عين الوجود المحض لا غيره.

(17) - أي، نقل الشيخ.
(18) - واعلم، أن السريان إنما هو بالنظر الجليل في الأشياء أنها مخلوقات. وأما بالنظر الدقيق، فالحق هو الظاهر والساري، فهو عين الأشياء جمعا وتفصيلا، وغيرها في الغيب المغيب.
(٧٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 728 729 730 731 732 733 734 735 736 737 738 ... » »»