شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٣١
عدم قبولهم ما جاءت به الشرائع من عند الله. (فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم ونفاسة وظلما). (النفاسة) الضنة. و (النفيس) هو ما يضن به. أي، لأجل الحسد والضنة والظلم الواقع في نفوسهم، حيث أرادوا ظهور أنفسهم و إخفاء حقية الرسول والآيات المنزلة من الله، مع أنهم عرفوا ذلك، كعبد الله بن سلام وأضرابه من أهل الكتاب.
(وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أوصله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد، تنزيها كان أو غير تنزيه). (في آية)، متعلق ب‍ (ما رأينا) و (من عند الله في حقه) بقوله: (أنزلها). فتقدير الكلام: ما رأينا في آية نازلة من عند الله في حقه، أو خبر، أوصله إلينا نبينا إلا وهو متلبس بالتحديد، تنزيها كان ذلك المنزل أو تشبيها. وهذا الكلام كأنه جواب سؤال مقدر، كأن القائل يقول:
كيف يكون الحق عين هذه الأشياء، وهي محدودة والحق منزه عن التحديد؟
فنقول: الآيات والأخبار التي جاءت في حق الله تعالى كلها متلبسة بالتحديد.
(أوله (العماء) الذي ما فوقه هواء ولا تحته هواء. وكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق). أي، أول ذلك التحديد هو المرتبة (العمائية) التي أشار إليها النبي، صلى الله عليه وسلم، عند سؤال الأعرابي: (أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق؟) قال، صلى الله عليه وسلم: (كان في عماء ما فوقه هواء ولا تحته هواء) (16) وإنما كان (العماء) أول التحديدات، لأنه لغة عبارة عن (الضباب). و في اصطلاح أهل الله عبارة عن أول تعين ظهر الحق بحسب اسمه الجامع الإلهي.
وكلاهما محدودان. وهذه المرتبة هي مرتبة الإنسان الكامل، فإنه أول ما تعين.

(16) - والسائل الأعرابي هو أبو رزين العقيلي الذي زعم أنه كان للحق أينا، وسأل عن النبي (ص): أين كان ربنا قبل الإيجاد؟ وقد سأل أصحاب الأئمة، عليهم السلام، عنهم عن المكان، زعما منهم أنه يجب أن يكون للحق مكانا أو زمانا. (العماء) المذكور في الحديث عبارة عن الغيم الرقيق المتوسط بين السماء، أي سماء الإطلاق، وأرض التقييد. در حجاب حايل بين آسمان وزمين، يعنى ابر تنك، شمس قابل مشاهده حسى است. (ج)
(٧٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 726 727 728 729 730 731 732 733 734 735 736 ... » »»