شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٣٥
وقوله: (ولذا) إشارة إلى قوله: (قام كوني بكونه) أي، ولأجل أن وجودي قائم بوجوده ووجوده ظاهر بوجودي، نسبت الغذاء إليه، فغذاؤه وجود العالم، وغذاء العالم وجوده وأسماؤه، لأن الغذاء عبارة عما به بقاء المغتذى في الخارج. وذلك باختفائه وظهوره على صورة من يغتذى به. ولا شك أن وجودنا يحصل باختفاء هويته فينا، وظهوره بصورنا، وبقاؤنا أيضا يحصل بإيصال الفيض الدائم إلينا. كذلك أعيان العالم يختفي في ذاته ويظهر وجوده و أسماؤه وأحكامها في الخارج، إذ لو لا وجود العالم، ما كان يعلم وجود الحق و أسماؤه، كما قال: (كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف، فخلقت الخلق...).
فالحق يغتذي بالأعيان من حيث ظهوره بها، والأعيان يغتذي بالحق من حيث بقائها ووجودها به. وإليه الإشارة بقوله: (وبه نحن نحتذي). أي، وبالحق نحتذي في الغذاء، أي، نقتدي به. يقال: احتذى حذوه. أي، اقتدى به.
ولما كان هذا الكلام من مقام التفصيل، رجع وقال:
(فبه منه إن نظرت * بوجه تعوذي) أي، فبالحق أتعوذ من الحق، إن نظرت بوجه الجمع والوحدة، كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (وأعوذ بك منك).
(ولهذا الكرب تنفس، (20) فنسب النفس إلى الرحمان) (21) أي، لكون الحق و ذاته مشتملا على حقائق العالم وصورها وطلب تلك الحقائق ظهورها، حصل الكرب في الباطن، ولهذا الكرب تنفس الحق، أي، تجلى لإظهار ما

(20) - قوله: (ولهذا الكرب...). (الكرب) و (الكربة) الغم الذي يأخذ بالنفس، فيوجب التنفس. شبه اجتماع الحقائق الإلهية والأسماء الربوبية والأعيان الثابتة وتراكمها في الحضرة العلمية الكمالية للظهور المستتبع له بالفيض المقدس الإطلاقي، باجتماع الهواء المحبوس في الرئة الموجب للتنفس المستتبع له. (الامام الخميني مد ظله) (21) - أي، فنسب الحق إلى اسم (الرحمان). (ج)
(٧٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 730 731 732 733 734 735 736 737 738 739 740 ... » »»