شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٤١
قلت بالحيرة في ذلك). كما قيل: (العجز عن درك الإدراك إدراك).
(فقد بانت المطالب بتعينك المراتب. ولو لا التحديد، ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور، ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه). لما كان كون الحق عين الأشياء يوجب التحديد، قال: (ولو لا التحديد) أي، واقعا في نفس الأمر، ما أخبرت الرسل بأن الحق يتحول في الصور. كما جاء في الحديث الصحيح:
(أن الحق يتجلى يوم القيامة للخلق في صورة منكرة، فيقول: أنا ربكم الأعلى.
فيقولون: نعوذ بالله منك. فيتجلى في صورة عقائدهم، فيسجدون له) (30) والصور كلها محدودة. فإذا كان الحق يظهر بالصور المحدودة - ونطق الكتاب بأنه (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم) - حصل العلم للعارف أن الظاهر بهذه الصور أيضا ليس إلا هو (31)

(30) - قوله: (في صورة منكرة). أي، غير معروفة لديهم، فينكرونه، فإنه خلاف ما توهموه.
فيتجلى على صور عقائدهم، فيقبلونه ولا ينكرونه. حتى أن النملة توهم أن له زبانيين. و هذا الحديث يكون من طرق العامة لا الخاصة على الظاهر. (الامام الخميني مد ظله) (31) - أيها الأخ العقلاني، يجب عليك أن تفهم أن (تحول) الحق بالصور الكثيرة حسب مشيئته غير قابل للإنكار، بشرط أن تعلم أنه تعالى يصح أن يكون متحولا (باسم الفاعل) بالصور المتقابلة، لا متحولا بأن يقبل التحول من غيره. ويجب أن تعرف أن حديث (التحول) غير قابل للرد والنقد باعتبار مرتبة تجلى الحق في المظاهر الجسمانية، وبوجه في المظاهر العقلية، والمثالية. وأما الحق في التعين الأول والثاني منزه عن التحول بالصور، وإن كان مرتبة الواحدية مقام تجلى الأسمائية في الصور العلمية. والحق الحقيق بالتصديق مقام الذات والأحدية الذاتية منزهة عن التنزيه والتشبيه، حيث لا غير حتى يظهر بالتجلي الذاتي. وأما في المرتبة الأحدية، تنزيه صرف بلا تشيبه، وأما في سائر المقامات والمراتب الإلهية تشبيه و تنزيه معا. بل في نصف آية جمع بين التنزيه والتشبيه و (هو الظاهر والباطن وهو السميع البصير). قال: (ليس كمثله شئ) وأراد التنزيه، ثم قال: (وهو السميع البصير) وأراد التشبيه. وإن شئت قلت جمع بينهما، لأنه مع تنزهه عن ملابسة مخلوقاته يسمع بسمع كل سميع ويبصر ببصر كل بصير. وفي كلام مصادر المعرفة والعرفان إشارات وتلميحات إلى ما ذكرناه: قال الصادق، عليه السلام، في جواب بعض أصحابه حيث سأل عن جواز إطلاق (الشئ) على الله: نعم (أي يجوز إطلاق (الشئ) على الله)، يخرجه عن الحدين:
حد التشبيه وحد التنزيه. (ج)
(٧٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 736 737 738 739 740 741 742 743 744 745 746 ... » »»