شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٣٤
(فهو على كل شئ حفيظ بذاته، ولا يؤده حفظ شئ). أي، إذا كان الحق عين الوجود، والوجود محيط بالأشياء بذاته عليم بها حافظ من انعدامها، فالحق على كل شئ حفيظ بمعنى أنه عليم بها ومحيط بحقائقها، وبمعنى أنه يحفظها من الانعدام أيضا، فلا يثقله حفظ شئ ولا يتعبه، لأن عين الشئ لا يثقل نفسه.
(فحفظه تعالى للأشياء كلها، حفظه لصورته) (19) لما كانت الصور الوجودية صور الحق بحسب أسمائه، كان حفظ الحق لها عين حفظه لصورة نفسه. (أن يكون الشئ على غير صورته). أي، ويحفظ أن يوجد شئ على غير صورة الحق، ولما كان هذا الأمر محالا، قال: (ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد، والمشهود من المشهود). أي، فالحق هو الشاهد الحقيقي من كل الشاهد، و هو المشهود الحقيقي من كل المشهود، إذ لا غير في الوجود. (فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له، فهو الإنسان الكبير). فالعالم، من حيث إنه عالم، صورة الحق، والحق روحه المدبر له، فالعالم هو الإنسان الكبير، والحق روحه.
(فهو الكون كله * وهو الواحد الذي قام كوني بكونه * ولذا قلت يغتذي) وفي بعض النسخ: (وإذا قلت يغتذي). فجزاؤه قوله:
(فوجودي غذاؤه * وبه نحن نحتذي) أي، الحق هو الوجود كله، وهو الواحد بحسب الذات والحقيقة، والقيوم الذي قام وجودي ووجود العالم كله بوجوده وذاته.

(19) - قوله: (فحفظه للأشياء...). وإنما ورد: أن الله خلق آدم على صورته دون سائر الأشياء. فإنه مظهر الاسم الجامع الإلهي، فهو صورة الحق على ما هو عليه من الأسماء الحسنى والأمثال العليا. وأما غيره، فليس مظهرا تاما إلا في نظر الاستهلاك، فهو ينافي الكثرة ومقام الفرق، وهذا لسان الفرق بوجه لا الجمع المطلق. (الامام الخميني مد ظله)
(٧٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 729 730 731 732 733 734 735 736 737 738 739 ... » »»