شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٢٣
ولا يعرف غايتها، أي أنها ينتهى إلى الحق، فهي في حقه ليس صراطا مستقيما، و إن كان عند العارفين هي بعينها صراطا مستقيما.
(فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة) لأنه يعلم إلى من يدعو الخلق و من الداعي ومن المدعو، ومن حكم أي اسم من الأسماء يأخذه ويخلصه، وفي حكم أي اسم يدخله ويريحه. (وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة).
قال تعالى عن لسان نبيه، صلى الله عليه وسلم: (قل هذه سبيلي. أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن تبعني). وهم الأولياء الوارثون لدعوة الأنبياء، لا المقلدون من أرباب الجهالة.
(فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن (الأرجل) هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها، وليس إلا الطريق). أي، علم الكشف يحصل للسالك من أسفل السافلين، لأن (الرجل) أسفل أعضاء الإنسان، وأسفل منها هي الطريق التي تمشى الرجل عليها. فالمجرمون، الذين كسبوا ما هو سبب إفنائهم وهلاكهم، ففنوا في الحق وبقوا به، وانكشف عنهم الغطاء، وارتفع عنهم الحجاب، فعلموا حقيقة الطريق والطارق والمطروق إليه. ما حصل لهم ذلك إلا من أسفل سافلين. ولهذا رد الإنسان إلى (أسفل سافلين). فإن تحصيل الكمالات متوقف على المرور بجميع المراتب والمقامات، كما قال تعالى:
(لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين).
(فمن عرف الحق عين الطريق، عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا يسلك ويسافر، إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين السالك والمسافر، فلا عالم إلا هو).
أي، فمن عرف أن الطريق الذي يسلك عليه وهو عين الحق - لأن السلوك من الآثار إلى الأفعال، ومنها إلى الأسماء والصفات، ومنها إلى الذات، وجميعها مراتب الحق، والحق هو الظاهر فيها، ولا موجود ولا معلوم إلا هو - فقد عرف الأمر على ما هو عليه، وعرف أن سلوكه وسفره وقع في الحق، وعرف أن الحق هو الذي يسلك ويسافر في مراتب وجوده لا غير. فالعالم والمعلوم هو لا غيره.
(٧٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 718 719 720 721 722 723 724 725 726 727 728 ... » »»