شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧١٧
(من عين واحدة يختلف باختلاف الجوارح) أي، تلك العلوم حاصلة من عين واحدة إلهية، وفي ظهورها بمظاهر مختلفة يختلف. (كالماء، حقيقة واحدة يختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات، ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال، لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه). ظاهر.
وفيه تشبيه (العلم الكشفي) بالعذب الفرات، فإنه يروى شاربه و يزيل العطش، كما أن الكشف يعطى السكينة لصاحبه ويريحه. و (العلم العقلي) بالملح الأجاج، لأنه لا يزيل العطش، بل يزداد العطش لشاربه. وكذلك العلم العقلي لا يزيل الشبهة، بل كلما أمعن النظر، يزداد شبهته ويقوى حيرته. وأصل الكل واحد، كما أن الماء واحد بالحقيقة. قال تعالى: (يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل).
وإنما شبه العلم بالماء، لكونه سبب حياة الأرواح، كما أن الماء سبب حياة الأشباح. ولذلك يعبر الماء ب‍ (العلم). وفسر ابن عباس، رضى الله عنه:
(وأنزلنا من السماء ماء). بالعلم.
(وهذه الحكمة من علم الأرجل، وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: (و من تحت أرجلهم).) أي، هذا لحكمة الأحدية هي من العلوم التي تحصل بالسلوك. ولما كان السلوك الظاهري بالأرجل، قال: (من علم الأرجل).
ملاحظا قوله تعالى: (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم، لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم). أي، ولو أنهم أقاموا أحكامهما وعملوا بهما وتدبروا معانيهما وكشفوا حقائقهما، لتغذوا بالعلوم الإلهية الفائضة على أرواحهم، وعرفوا مطلعاتها (6) من غير كسب وتعمل - وهو الأكل من فوقهم - و

(6) - في الحديث المسلم عند الفريقين: (إن للقرآن ظهرا، وبطنا، وحدا، ومطلعا). وكلمة (مطلعاتها) ليست جمع (المطلع)، لأن جمعه هي (المطالع) لا المطلع. و (المطلع) عند أرباب العرفان عبارة عما يحصل الاستشراف على مراتب الكلام الإلهي، أي، البالغ إلى مقام المطلع يرى الحق المتكلم متعينا بتعين الاسم العظيم الجامع (المتكلم)، ويسمع كلام الحق مشافهة من القائل به. عثمان يحيى در فتوحات (مطلع) را همه جا به صورت (مطلع) اعراب گذارى كرده است. در لغت، (مطلع) و (مطلع) به معناى (القوى القاهر العالى) آمده است. ومصحح محقق (فتوحات مكيه) را ابهت (القوى القاهر العالى) در اشتباه انداخته است. (مطلع الشمس) در كتاب وسنت وكتب لغت به معناى محل طلوع وظهور شمس آمده است. (مطلع) بر وزن (مظهر) محل ظهور كلام ذاتى حق از مقام غيب به مقام تعين حق به اسم (متكلم) است، وحق به اسم (متكلم) تا تعين پيدا ننمايد، مبدأ ظهور كلمات وجوديه مستقر در حضرت علميه به صور وكلمات وحروف وجوديه نگردد. (وقد كتبنا هذه التعليقة ليلة (6) آذر سنة 1368) (ج)
(٧١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 712 713 714 715 716 717 718 719 720 721 722 ... » »»