شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٢٢
فهو) أي، العبد. (حق مشهود في خلق متوهم). أي، ظاهرة في صورة خلق متوهم، وهي الصورة الظلية. وقد مر غير مرة أن كل ما يدرك ويشهد، فهو حق والخلق متوهم، لأن الحق هو الذي تجلى في مرآيا الأعيان، فظهر بحسبها في هذه الصورة، فالظاهر هو الحق لا غير.
(فالخلق معقول، والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود. وما عدا هذين الصنفين، فالحق عندهم معقول والخلق مشهود). وهم المحجوبون، كالحكماء والمتكلمين والفقهاء وعامة الخلائق، سوى المؤمنين بالأولياء وأهل الكشف، لأنهم أيضا يجدون في بواطنهم حقيقة ما ذهب إليه الأولياء. فإن المؤمن يقوم له نصيب منهم، وإلا ما آمن بهم.
(فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة العذب الفرات السائغ لشاربه). أي، فعلمهم بمنزلة الملح الأجاج لا يروى لشاربه ولا يسكن عطش صاحبه. وعلم الطائفة الأولى، وهم أهل الكشف والوجود، بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه النافع لصاحبه.
(فالناس على قسمين: فمن الناس من يمشى على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهو في حقه صراط مستقيم. ومن الناس من يمشى على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها، وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر). أي، إذا كان الناس منهم أهل الكشف ومنهم أهل الحجاب، فالناس على قسمين في سلوكهم على الطريق المستقيم: منهم من يمشى على طريق يعرفها، أي، يعرف أنها حق، والطارق و المطروق إليه حق، كما قيل:
لقد كنت دهرا قبل أن تكشف الغطاء * أخالك إني ذاكر لك شاكر فلما أضاء الليل أصبحت شاهدا * بأنك مذكور وذكر وذاكر ويعرف غايتها من حيث إنها تنتهي إلى الحق، فهو في حقه طريق مستقيم. و هم العارفون الموحدون. ومنهم من يمشى على طريق يجهلها، أي، يجهل حقيقتها
(٧٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 717 718 719 720 721 722 723 724 725 726 727 ... » »»