بينهم والغيرية وبكونهم غير تلك الحقيقة المحمدية الجامعة للأسماء لظهور كل منهم ببعض الأسماء والصفات. وان اعتبرت حقيقتهم وكونهم راجعين إلى الحضرة الواحدية بغلبة احكام الوحدة عليك حكمت باتحادهم ووحدة ما جاؤوا به من الدين الإلهي كما قال تعالى: (لا نفرق بين أحد من رسله). فالقطب الذي عليه مدار احكام العالم وهو مركز دائرة الوجود من الأزل إلى الأبد واحد باعتبار حكم الوحدة وهو الحقيقة المحمدية، صلى الله عليه وآله. وباعتبار حكم الكثرة متعدد.
وقبل انقطاع النبوة قد يكون القائم بالمرتبة القطبية نبيا ظاهرا كإبراهيم، صلوات الله عليه، وقد يكون وليا خفيا كالخضر في زمان موسى، عليهما السلام، قبل تحققه بالمقام القطبي. وعند انقطاع النبوة أعني نبوة التشريع باتمام دائرتها وظهور الولاية من الباطن انتقلت القطبية إلى الأولياء مطلقا فلا يزال في هذه المرتبة واحد منهم قائم في هذا المقام لينحفظ به هذا الترتيب والنظام، قال سبحانه: (ولكل قوم هاد). وان من أمة الا خلا فيها نذير). إلى ان ينختم بظهور خاتم الأولياء وهو الخاتم للولاية المطلقة (6) فإذا كملت هذه الدائرة أيضا وجب قيام الساعة باقتضاء الاسم الباطن والمتولد من الباطن والظاهر الذي هو الحد الفاصل بينهما ظهور كمالاته واحكامه فيصير كل ما كان صورة معنى وكل ما كان معنى صورة. أي يظهر ما هو مستور في الباطن من هيئات النفس على صورها الحقيقية و يستتر الصور التي احتجبت المعاني الحقيقية فيها فيحصل صورة الجنة والنار و الحشر والنشر على ما أخبر عنه الأنبياء والأولياء، صلوات الله عليهم أجمعين.
تنبيه لا بد ان يعلم ان للجنة والنار مظاهر في جميع العوالم، إذ لا شك ان لهما أعيانا في الحضرة العلمية وقد أخبر الله تعالى، عن اخراج آدم وحوا، عليهما السلام، من الجنة فلها وجود في العالم الروحاني قبل وجودها في العالم الجسماني. وكذلك للنار أيضا وجود فيه لأنه مثال لما في الحضرة العلمية. وفي الأحاديث الصحيحة ما يدل على وجودهما فيه أكثر من ان يحصى، وأثبت رسول الله، صلى الله عليه و