شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٨٠
فالرسول والوارث خادم الأمر الإلهي إذا كانت الإرادة متعلقة بوقوع المأمور به، لا خادم الإرادة مطلقا، لأن الإرادة تتبع المعلوم، كما مر، والمعلوم يقتضى أمورا تناسبه مما ينفعه ويضره، والرسول ليس مساعدا له فيما يضره. وأيضا، كل ما يقع من الخير والشر إنما هو بالإرادة، فلو كان خادما للإرادة مطلقا، لما رد على أحد في فعله القبيح.
(فهو يرد عليه به طلبا لسعادة المكلف). أي، الرسول يرد على كل المكلف و يدفع عنه بالأمر الإلهي ما يضره طلبا لسعادته وإظهارا لكماله.
(فلو خدم الإرادة ما نصح) أي، ما نصح الخلق. بل كان يتركهم على ما هم عليه، لأنه المراد.
(وما نصح إلا بها، أعني بالإرادة. فالرسول والوارث طبيب أخروي للنفوس، منقاد لأمر الله حين أمره، فينظر في أمره تعالى وينظر في إرادته، فيراه) أي، يرى الحق. (قد أمره). أي أمر المكلف. (بما يخالف إرادته، ولا يكون إلا ما يريد. ولهذا كان الأمر). أي، ولأجل أنه لا يكون إلا ما يريد، حصل الأمر من الرسول أو من الله، فإنه المراد.
(فأراد الأمر،) أي، فأراد وقوع الأمر. (فوقع بواسطة العبد المأمور. وما أراد وقوع ما أراد به بالمأمور). بواسطة المأمور. (فلم يقع) المأمور به.
(من المأمور). وهو العبد. (فيسمى مخالفة ومعصية).
فإن قلت: كيف يأمر الحق بمالا يريد وقوعه، وما فائدته؟ قلت: التكليف حال من أحوال عين العبد، وله استعدادات لتلك الحالة مغائر لاستعداد ما كلفه الحق به، فعين العبد تطلب بالاستعداد الخاص من الحق أن يكلفه بما ليس في استعداده قبوله، فيأمر الحق بذلك ولا يريد وقوع المأمور به، لعلمه بعدم استعداده للقبول، بل يريد وقوع ضد المأمور به، لاقتضاء استعداده ذلك. و فائدته، تمييز من له استعداد القبول ممن ليس له ذلك. ( فالرسول مبلغ). أي، فالرسول مبلغ للأمر الإلهي، خادم له مطلقا، سواء كانت معه الإرادة أو لم تكن.
(٦٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 675 676 677 678 679 680 681 683 684 685 686 ... » »»