حيث إن معبودهم عين الوجود الحق الظاهر في تلك الصورة، فما يعبدون إلا الله، فرضي الله عنهم من هذا الوجه، فينقلب عذابهم عذابا في حقهم.
وبالنسبة إلى الكافرين أيضا وإن كان العذاب عظيما، لكنهم لم يتعذبوا به، لرضاهم بما هم فيه، فإن استعدادهم يطلب ذلك، كآلأتوني الذي يفتخر بما هو فيه. وعظم عذابه بالنسبة إلى من يعرف أن وراء مرتبتهم مرتبة، وأن ما هم فيه عذاب بالنسبة إليها. و أنواع العذاب غير مخلد على أهله من حيث إنه عذاب، لانقطاعه بشفاعة الشافعين. وآخر من يشفع وهو أرحم الراحمين. كما جاء في الحديث الصحيح: (لذلك ينبت الجرجير في قعر جهنم). لانقطاع النار وارتفاع العذاب، وبمقتضى (سبقت رحمتي غضبي). فظاهر الآيات التي جاء في حقهم التعذيب كلها حق، وكلام الشيخ (رض) لا ينافي ذلك، لأن كون الشئ من وجه عذابا لا ينافي كونه من وجه آخر عذبا. وإنما بسطت الكلام هنا، لئلا ينكر على هذا الخاتم المحمدي، صلى الله عليه وسلم، فيما أخبر. فإن الأولياء، رضوان الله عليهم، ما يخبرون إلا عما يشاهدون يقينا من أحوال الاستعدادات في الحضرة العلمية وعوالم الأرواح والأجساد، لعلمهم بالحقائق وصورها في كل عالم. والله علم بالحقائق.