شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٥٣
عن غيره بما هو هو، فليس في الخارج لشئ مثل من كل الوجوه (9) وإذا لم يكن في الخارج لشئ مثل، لا يكون في مطلق الوجود أيضا مثل، لأن ما في العقل أيضا ممتاز بتعينه المعنوي عن غيره. وإذا لم يكن في العقل ولا في الخارج مثل، لا يكون فيهما أيضا ضد، إذ بتحققه يتحقق المثل، فإن كلا من الضدين مماثل للآخر في الضدية. وأيضا، كل من الضدين بحسب الحقيقة يرجع إلى الوجود المطلق، وهو حقيقة واحدة، والضدان عبارة عن حقيقتين مختلفتين متساويتين في القوة والضعف، والحقيقة الواحدة لا يمكن أن يضاد لنفسه.
وتلخيصه أن الحضرتين المتقابلتين لهما اعتباران: إعتبار الحقيقة الجامعة بينهما، واعتبار التغاير. فباعتبار وحدة حقيقتهما، لا تماثل بينهما ولا تضاد، فلا ربوبية ولا عبودية بينهما. وباعتبار التغاير، بينهما تماثل وتضاد، فالربوبية والعبودية حاصلة، فالحكم بوجودهما باعتبار الكثرة صحيح، وبعدمهما باعتبار الوحدة صحيح. والأول يناسب العالم، والثاني يناسب الوجود الحق.
(فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن فما ثم موصول ولا ثم بائن) (بذا جاء برهان العيان فلا أرى بعيني إلا عينه إذ أعاين) أي، إذا ارتفع الأمثال والأضداد وظهرت وحدة الوجود، فلم يبق إلا الحق، و فنى العالم فيه لاقتضائه الكثرة. فما ثم واصل ولا موصول ولا بائن، أي مفارق، لاستهلاك الكل في عين الوحدة الحقيقية.

(9) - قوله: (فما ثمة مثل) وقوله: (فإن الوجود حقيقة واحدة) تعليل لنفى المثلية والضدية. وأما ما ذكره الشارح أولا بقوله: (إذا كان ما في الوجود متميزا...) فلا يستقيم. فإن إثبات التميز كما ينفى المثلية من جميع الوجوه يثبت الضدية، فلا يمكن نفى الضدية به. وأيضا أن الضدية مثلية من بعض الوجوه، لا من جميع الوجوه، فلا ينافي نفى المثلية من جميع الوجوه، على أن يكون الظرف قيدا للمنفي لا للنفي مع الضدية. كما لا يخفى. (الإمام الخميني مد ظله)
(٦٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 648 649 650 651 652 653 654 655 656 657 658 ... » »»