كمالهم، لذلك قال تعالى: (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ولعلهم يتقون). وقال بعض أهل الكمال:
وإني إذا أوعدته أو وعدته * لمخلف إيعادي ومنجز موعدي إذ لا يثنى بالوفاء بالإيعاد، بل بالتجاوز عنه، ويثني بالوفاء بالوعد. وحضره الحق تعالى طالب الثناء، فوجب إتيانه بما وعده من العفو والمغفرة والتجاوز، وانتفى إمكان وقوع ما أوعد به. وفيه أقول:
يا من بلطف جماله خلق الورى * حاشاك أن ترضى بنار تحرق أنت الرحيم بكل من أوجدته * ولأجل رحمتك العميمة تخلق إن كنت منتقما فأنت مؤدب * ومعذبا إن كنت أنت المشفق فاجعل عذابك للعباد عذوبة * وارحم برحمتك التي قد تسبق وإنما قال: (في حق الحق) ولم يقل: في حق الخلق، لأن زوال الإمكان إنما هو بسبب التجاوز والعفو، وهو من طرف الحق لا الخلق.
فإن اختلج في قلبك أن الشرك لا يغفر، فيجب وقوع ما أوعده، فضلا عن إمكانه، فسيأتي بما يتبين عندك الحق بعد شرح الأبيات.
(فلم يبق إلا صادق الوعد وحده * وما لوعيد الحق عين تعاين) أي، إذا زال سبب الوعيد، فلم يبق إلا تحقق الوعد وحده، لأنه صادق في وعده.
وما بقى لوعيد الحق (عين تعاين) - على البناء للمفعول - لزوالها بالمغفرة والعفو في حق العاصين. وأما في حق الكافرين والمنافقين، لانقلاب عذابهم بنعيم يناسبهم، كما قال: (وإن دخلوا دار الشقاء فإنهم