شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٥٦
(المذل) مختلف. لأنه إن اعتبر مجموع الذات والصفة في مفهوم كل من الأسماء، فقد وقع الاختلاف، وإن اعتبر الجزء الذي به يقع التميز، فقد وقع الاختلاف أيضا، وإن اعتبر الذات فقط، فمسمى الكل منهما عين مسمى الآخر.
(فلا تنظر إلى الحق * فتعريه عن الخلق) هذا تفريع على قوله: ((لكنه هو من وجه الأحدية). أي، لا تنظر إلى الحق بأن تجعله موجودا خارجيا مجردا عن الأكوان منزها عن المظاهر الخلقية عاريا عنها و عن صفاتها.
(ولا تنظر إلى الخلق * وتكسوه سوى الحق) بأن تجعل الخلق مجردا عن الحق مغائرا له من كل الوجوه، وتكسوه لباس الغيرية.
وقد قال تعالى: (وهو معكم أينما كنتم). بل أنظر إلى الحق في الخلق، لترى الوحدة الذاتية في الكثرة الخلقية، وترى الكثرة الخلقية في الوحدة الذاتية.
(ونزهه وشبهه * وقم في مقعد الصدق) أي، نزه الحق الذي في الخلق بحسب مقام أحديته عن كل ما فيه شائبة الكثرة الإمكانية والنقصان. وشبهه أيضا بكل صفات كمالية، كالسمع والبصر والإرادة والقدرة. فإنك إذا جمعت بين التنزيه والتشبيه، كما هو عادة الكاملين، فقد قمت مقام الصدق، وهو مقام الجمع بين الكمالين.
(وكن في الجمع إن شئت * وإن شئت ففي الفرق) أي، إذا علمت وحدة الحقيقة الوجودية، وأن الخلق حق من وجه وأن الحق خلق من وجه بحكم مقام المعية، وأن الخلق خلق وأن الحق حق في مقام الفرق، و أن الكل حق بلا خلق في مقام الجمع المطلق، وأن الكل خلق بلا حق في
(٦٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 651 652 653 654 655 656 657 658 659 660 661 ... » »»