فالربوبية أيضا دائمة. وضمير (بربه) عائد إلى (وجود العين) أو إلى (العين)، و تذكيره باعتبار أنه شئ.
(وكل مرضى محبوب) أي، بالنسبة إلى من يرضاه، لتعلق الإرادة والرضا به. أو محبوب بالنسبة إلينا. ولما كانت الأفعال كلها من حضرة الأسماء، وهي محبوبات الذات ومطلوباتها لأنها كمالاتها، قال: (وكل ما يفعل المحبوب محبوب). أي، محبوب الذات الأحدية ومطلوبها. أو محبوب عبادة المحبين.
(فكله مرضى) أي، كل ما يفعل ويجرى في الوجود، فهو مرضى. (لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها). أي، ظاهر فيها. (فاطمأنت العين) أي، الموجودة. (أن يضاف إليها فعل، فكانت) أي العين. (راضية بما يظهر فيها وعنها من أفعال ربها). ويظهر ذلك الرضا بحسن التأني والقبول لظهور تلك الأفعال فيها، وتمكين ربها من إظهار كمالاته ومراداته فيها.
(مرضية تلك الأفعال، لأن كل فاعل وصانع راض عن فعله وصنعته، فإنه وفى فعله وصنعته حق ما هي عليه). أي، وفي حق الصنعة التي هي عليها وأتقنها، كما اقتضت حكمته إياها. وذكر ضمير (عليه) باعتبار لفظة (ما). لذلك قال تعالى: ((أعطى كل شئ خلقه ثم هدى). أي، بين أنه أعطى كل شئ خلقه، فلا يقبل) أي ذلك الشئ (النقص) عما هو عليه. (ولا الزيادة) على ما هو عليه.
لأنه تعالى خلقه باعتبار قبوله واستعداده الذي له في الأزل من غير زيادة ولا نقصان. والمشية الإلهية اقتضت كذلك.
(فكان إسماعيل بعثوره، على ما ذكرناه، عند ربه مرضيا). أي، لما اطلع إسماعيل، عليه السلام، على أن كل ما يصدر من الأعيان الموجودة مرضى عند أربابها، وصفه الحق بقوله: (وكان عند ربه مرضيا). وهذا تصريح على ما قلناه من أن السعادة إنما هي بسبب الاطلاع، والشقاوة بعدمه.
(وكذا كل موجود عند ربه مرضى). أي، سواء كان سعيدا أو شقيا. (ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر). ليكون عبد (المضل) مرضيا عند عبد (الهادي) أو بالعكس. وهذا