شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٥٢
غيرها.
وفاعل (يحله) (من). أي، يحله من له عقيدة سواه. ويجوز أن يكون (عقد) فاعلا. أي، يحله عقد حاصل له من سواه. ف‍ (من) مكسورة الميم حينئذ.
(فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون). لأنهم أظهروا مقتضيات أسمائه و أحكامها، فصاروا مرضيين عنده.
(ورضوا عنه، فهو مرضى). أي، رضوا عن الله لإعطائه ما طلبوا منه من الإيجاد في العين وإظهار كمالاتهم التي كانت في كتم العدم مخفية عن أيدي الأسماء. فالحق مرضى منهم. وقوله تعالى: (ولا يرضى لعباده الكفر). و عدم رضا الحق ونهيه من المعاصي إنما هو من حيث الأمر التكليفي: فإنه تعالى كلف عباده بالإيمان والطاعة، فلا يرضى الكفر والمعصية. وأما من حيث الإرادة، فالرضا حاصل، لأنهم أتوا بما أراد الله منهم.
(فتقابلت الحضرتان، تقابل الأمثال، والأمثال أضداد، لأن المثلين حقيقة لا يجتمعان، إذ لا يتميزان). الحضرتان، هما حضرة الربوبية، وحضرة العبودية. و إنما تقابلتا تقابل الأمثال، لأنهما يتشاركان في الوجود الإلهي، وفي الربوبية والعبودية، كما مر آنفا، ويختلفان في التعين والاعتبار. وأيضا كل من الحضرتين في كونهما راضية مرضية مماثل للأخر، فتقابلهما تقابل الأمثال، وتقابل الأمثال عبارة عن تباينها وتمايزها مع اتحادها وتشاركها في حقيقة واحدة.
وإنما جعل الأمثال أضدادا، لأنها لا يجتمع كالأضداد، لأن المثلين من حيث تباينهما مع اشتراكهما في حقيقة جامعة لهما يصيران مثلين، فلا يجتمعان، إذ لو اجتمعا، لكانا غير متميزين، لكن كل ما في الوجود من الأغيار متميزة عن غيره. وإليه أشار بقوله: (وما ثمة إلا متميز).
ولما أثبت أولا وجود الأمثال والأضداد باعتبار الكثرة، أراد أن ينفيها باعتبار الوحدة الذاتية والوحدة العرضية، فقال: (فما ثم مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة، والشئ لا يضاد نفسه). أي، إذا كان ما في الوجود متميزا
(٦٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 647 648 649 650 651 652 653 654 655 656 657 ... » »»