قوله: (بذا جاء) أي، بما ذكر يشهد برهان العيان والكشف. (فما أرى بعيني) أي، بعين البصر والبصيرة، أو بعيني البصر، إلا عين الحق وذاته حين أعاين وأشاهد الموجودات في العقل وفي الخارج.
قوله: ((ذلك لمن خشى ربه). أن يكون هو لعلمه بالتميز). تتميم الآية.
ولما تكلم (رض) في مقام الجمع، شرع يتكلم في مقام الفرق بعد الجمع، لأن المحقق هو الذي يعطى حق المقامات كلها، لتكون عقيدته هيولى الاعتقادات، و لا يقف في شئ منها وإلا يكون مقيدا.
فقوله: (ذلك) إشارة إلى قوله تعالى: (رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه). أي، ذلك المقام، الذي هو مقام الرضا عنهم، لا يحصل إلا لمن خشى ربه وانقاد حكمه بقيامه في مقام عبوديته، لعلمه بتميز مقامه عن مقام ربه.
فإن (الخشية) هي التواضع والتذلل لعظمة الرب. ولا يظهر بمقام الربوبية، ليكون عين ربه، فيدعى أنه هو. كما ظهر به أرباب الشطح (10) قال تعالى معاتبا للمسيح وتنبيها للعباد: (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟) والفرق بين المحقق وبين أهل الشطح: إذا ظهر كل منهم بمقام الربوبية، إن المحقق لا يظهر به إلا وقتا دون وقت، إعطاء لحق المقام لا عن غلبة حكم الوحدة عليه. ولو قيل له عند ظهوره به: إنك عبد. يقربه ويرجع إليه